ومن استدل على نبوتهم بقوله: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَينَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} وزعم أن هؤلاء هم الأسباط فليس استدلاله بقوي، لأن المراد بالأسباط شعوب بني إسرائيل وما كان يوجب فيهم من الأنبياء الذين ينزل عليهم الوحي من السماء .. والله أعلم. ومما يؤيد أن يوسف - عليه السلام - هو المختص من بين إخوته بالرسالة والنبوة أنه ما نص على واحد من إخوته سواه، فدل على ما ذكرناه. ويستأنس لهذا بما قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد الرحمن، عن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم". انفرد به البخاري، فرواه عن عبد الله بن محمد وعبدة، عن عبد الصمد بن عبد الوارث به. وقد ذكرنا طرقه في قصة إبراهيم بما أغنى عن إعادته هنا .. ولله الحمد والمنة. [انظر صحيح البخاري / كتاب الأنبياء / ح ٣٣٩٠] ومسند أحمد [ح ٧١٦]. قال المفسرون وغيرهم: رأى يوسف - عليه السلام - وهو صغير قبل أن يحتلم، كأن أحد عشر كوكبًا، وهم إشارة إلى بقية إخوته، والشمس والقمر وهما عبارة عن أبويه، قد سجدوا له، فهاله ذلك. فلما استيقظ قصها على أبيه، فعرف أبوه أنه سينال منزلة عالية ورفعة عظيمة في الدنيا والآخرة، بحيث يخضع له أبوه وإخوته فيها، فأمره بكتمانها وألا يقصها على إخوته، كيلا يحسدوه ويبغوا له الغوائل، ويكيدوه بأنواع الحيل والمكر، وهذا يدل على ما ذكرناه. ولهذا جاء في بعض الآثار: "استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها، فإن كل ذي نعمة محسود". وعند أهل الكتاب أنه قصها على أبيه وإخوته معًا، وهو غلط منهم. {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} أي وكما أراك هذه الرؤيا العظيمة، فإذا كتمتها {يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} أي يخصك بأنواع اللطف والرحمة {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْويلِ الْأَحَادِيثِ} أي يفهمك من معاني الكلام وتعبير المنام ما لا يفهمه غيرك. {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيكَ} أي بالوحي إليك {وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ} أي بسببك، ويحصل لهم بك خير الدنيا والآخرة. {كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} أي ينعم عليك ويحسن إليك بالنبوة، كما أعطاها أباك يعقوب، وجدك إسحاق، ووالد جدك إبراهيم الخليل، {إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} كما قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيثُ يَجْعَلُ رِسَالتَهُ}. لهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل: أي الناس أكرم؟ قال: "يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله". {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ =