إلى عبد الله بن المعتم بالخبر، وسألوه للعرب السلم، وأخبروه أنهم قد استجابوا له، فأرسل إليهم: إن كنتم صادقين بذلك؛ فاشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأقرُّوا بما جاء به من عند الله، ثم أعلمونا رأيَكم. فرجعوا إليهم بذلك، فردُّوهم إليه بالإسلام، فردّهم إليهم، وقال: إذا سمعتم تكبيرنا؛ فاعلموا أنا قد نَهدْنا إلى الأبواب التي تلينا لندخل عليهم منها، فخذوا بالأبواب التي تَلِي دِجْلة، وكبِّروا واقتلوا مَن قدرتم عليه؛ فانطلقوا حتى تُواطئوهم على ذلك. ونَهَد عبد الله، والمسلمون لما يليهم وكَبّروا، وكبَّرت تغلِب، وإياد، والنَّمِر؛ وقد أخذوا بالأبواب، فحسب القوم: أنّ المسلمين قد أتوْهم من خلفهم، فدخلوا عليهم مما يلي دِجْلة، فبادروا الأبواب التي عليها المسلمون، فأخذتهم السيوف؛ سيوف المسلمين مستقبلتَهم، وسيوف الرّبَعيِّين الذين أسلموا ليلتئذ من خلفهم؛ فلم يفلت من أهل الخندق إلّا مَنْ أسلم من تغلِب، وإياد، والنَّمِر. وقد كان عمر عهد إلى سعد؛ إن هم هُزموا أن يأمر عبد الله بن المعتم بتسريح ابن الأفكَل العَنَزِيّ إلى الحِصْنين، فسرّح عبدُ الله بن المعتمّ ابنَ الأفكل العَنَزيّ إلى الحصنيْن، فأخذ بالطريق، وقال: اسبق الخبر، وسر ما دون القيْل، وأحي الليل. وسرّح معه تغلِب، وإياد، والنَّمِر، فقدمهم وعليهم عُتْبة بن الوعِل؛ أحَد بني جشم بن سعد، وذو القُرْط، وأبو وداعة بن أبي كرب، وابن ذي السُّنيْنَة قتيل الكُلاب، وابن الحجير الإياديّ، وبشر بن أبي حَوْط متساندين، فسبقوا الخبر إلى الحصنيْن. ولما كانوا منها قريبًا قدّموا عتبة بن الوعل، فادّعى بالظفر، والنَّفل، والقَفل، ثم ذو القُرْط، ثم ابن ذي السُّنينة، ثم ابن الحجير، ثمّ بشر؛ ووقفوا بالأبواب، وقد أخذوا بها، وأقبلت سَرعانَ الخيل مع ربعيّ بن الأفْكل حتى اقتحمت عليهم الحصنيْن، فكانت إيّاها، فنادوا بالإجابة إلى الصلح، فأقام من استجاب، وهرب مَن لم يستجب، إلى أن أتاهم عبد الله بن المعتم، فلما نزل عليهم عبد الله دعا من لجّ وذهب، ووفَّى لمن أقام، فتراجع الهرّاب واغتبط المقيم، وصارت لهم جميعًا الذمة والمنْعَة، واقتسموا في تَكْرِيت على كلّ سهم ألف درهم، للفارس ثلاثة آلاف وللراجل ألف، وبعثوا بالأخماس مع فُرات بن حَيّان، وبالفتح مع