للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعم أنها من ماله؛ فقد أسرف. واعزله على كلّ حال، واضمم إليك عمله. فكتب أبو عبيدة إلى خالد، فقدم عليه، ثم جمع الناس وجلس لهم على المِنبر، فقام البريد فقال: يا خالد! أمِن مالك أجزت بعشرة آلاف أم من إصابة؟ فلم يجبه حتى أكثر عليه، وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئًا، فقام بلال إليه، فقال: إنّ أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا، ثم تناول قلنسوته فعِقله بعمامته وقال: ما تقول! أمن مالك، أم من إصابةٍ؟ قال: لا بل من مالي، فأطلقه وأعاد قلنسوته، ثم عمّمه بيده، ثم قال: نسمع ونطيع لولاتنا، ونفخّم ونخدم مواليَنا. قالوا: وأقام خالد متحيّرًا لا يدري أمعزول أم غيرُ معزو؟ وجعل أبو عبيدة لا يخبره حتى إذا طال على عمرَ أن يقدم ظنّ الذي قد كان، فكتب إليه بالإقبال، فأتى خالد أبا عبيدة، فقال: رحمك الله! ما أردت إلى ما صنعت؟ كتمتَنِي أمرًا كنت أحبّ أن أعلمه قبل اليوم! فقال أبو عبيدة: إنيّ والله ما كنت لأروعك ما وجدت لذلك بدًّا، وقد علمت: أن ذلك يروعك. قال: فرجع خالد إلى قنَّسرين، فخطب أهل عمله، وودّعهم، وتحمّل، ثم أقبل إلى حمص فخطبهم، وودعهم، ثمّ خرج نحو المدينة حتى قدم على عمر، فشكاه وقال: لقد شكوتك إلى المسلمين؛ وبالله إنّك في أمري غير مجمِل يا عمر! فقال عمر: من أين هذا الثَّرَاء؟ قال: من الأنفال، والسُّهمان، ما زاد على الستين ألفًا فلك. فقوّم عمر عُروضه فخرجت إليه عشرون ألفًا، فأدخلها بيت المال. ثم قال: يا خالد! والله إنك عليّ لكريم! وإنك إليّ لحبيب! ولن تعاتِبني بعد اليوم على شيء (١)! (٤: ٦٧/ ٦٨).

٥٠٥ - كتب إليّ السريّ، عن شعيب، عن سيف، عن مبشِّر، عن سالم، قال: لما قدم خالد على عمر؛ قال عمر متمثّلًا:

صَنَعْتَ فَلمْ يَصْنَعْ كصُنْعِكَ صانِعٌ ... وما يَصْنَعِ الأقْوامُ فاللهُ يَصْنَعُ

فأغرمه شيئًا، ثمّ عوّضه، وكتب فيه إلى الناس بهذا الكتاب ليعذره عندهم، وليبصّرَهم (٢). (٤: ٦٨).


(١) إسناده ضعيف.
(٢) إسناده ضعيف. وللأسباب الصحيحة لعزل خالد راجع قسم الصحيح مواضع عدة منها (٤/ ٦٨/ ١٩٨). والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>