٥١٥ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة، والمهلب، وعمرو، قالوا: لما انهزم الهرمزان يوم سوق الأهواز، وافتتح حرقوص بن زهير سوق الأهواز؛ أقام بها، وبعث جَزْء بن معاوية في أثره بأمر عمر إلى سُرَّق، وقد كان عهد إليه فيه: إن فتح الله عليهم أن يُتبعه جَزْءًا، ويكون وجهه إلى سرَّق. فخرج جزء في أثر الهرمزان، والهُرمزان متوجِّه إلى رامهرمُز هاربًا، فما زال يقتلهم حتى انتهى إلى قرية الشّغَر، وأعجزه بها الهرمزان؛ فمال جَزْء إلى دورق من قرية الشَّغَر؛ وهي شاغرة برجلها -وَدَوْرق مدينة سُرّق فيها قوم لا يطيقون منعها- فأخذها صافية، وكتب إلى عمر بذلك، وإلى عُتْبة، وبدعائه مَن هرب إلى الجزاء والمنَعَة، وإجابتهم إلى ذلك. فكتب عمر إلى جَزْء بن معاوية وإلى حُرقوص بن زهير بلزوم ما غَلبا عليه، وبالمقام حتى يأتيَهما أمره، وكتب إليه مع عُتبة بذلك، ففعلا، واستأذن جَزء في عمران بلاده عمرَ، فأذن له، فشقّ الأنهار، وعمرَ الموات. ولما نزل الهُرمزان رامَهرُمُز، وضاقت عليه الأهواز؛ والمسلمون حُلّالٌ فيها فيما بين يديه؛ طلب الصلح، وراسل حُرقوصًا وجَزْءًا في ذلك، فكتب فيه حُرقوص إلى عمر، فكتب إليه عمر، وإلى عُتبة، يأمره أن يقبل منه على ما لم يفتحوا منها على رامهرمز، وتُستر، والسوس، وجُنْدي سابور، والبُنيان، ومِهرجا نقَذَق، فأجابهم إلى ذلك، فأقام أمراء الأهواز على ما أسند إليهم، وأقام الهرمزان على صلحه يجبي إليهم، ويمنعونه، وإن غاوره أكراد فارس؛ أعانوه وذبُّوا عنه، وكتب عمر إلى عُتبة أن أوفد عليّ وفدًا من صُلحاء جند البصرة عشرة، فوفْد إلى عمر عشرةً، فيهم الأحنف. فلما قدم على عمر قال: إنك عندي مصدَّق، وقد رأيتك رجلًا، فأخبرني إن ظُلِمت الذّمة، ألمظلمة نفروا أم لغير ذلك؟ فقال: لا بل لغير مظلمة، والناس على ما تحبّ. قال: فنعم إذًا! انصرفوا إلى رحالكم. فانصرف الوفد إلى رحالهم، فنظر في ثيابهم فوجد ثوبًا قد خرج طرفه من عيبة فشمّه، ثم قال: لمَنْ هذا الثوب منكم؟ قال الأحنف: لي، قال: فبكم أخذته؟ فذكر ثمنًا يسيرًا، ثمانية أو نحوها، ونقص ممَّا كان أخذَه به -وكان قد أخذه باثني عشر- قال: فهلّا بدون هذا، ووضعتَ فَضلته موضعًا تغنِي به مسلمًا! حُصُّوا، وضعوا الفُضول مواضعها؛ تريحوا أنفسكم، وأموالكم، ولا تسرفوا؛ فتخسروا أنفسكم، وأموالكم؛ إن نظر امرؤ لنفسه وقدّم