أهل البصرة بعد فَتْح نهاوند، ووجّه الأمراء من أهل الكوفة بعد فتح نهاوند؛ وكان بين عمل سعد بن أبي وقّاص وبين عمل عمّار بن ياسر أميران: أحدُهما عبد الله بن عبد الله بن عِتْبان -وفي زمانه كانت وقعة نهاوند- وزياد بن حنظلة حليف بني عبد بن قصيّ -وفي زمانه أمر بالانسياح- وعُزل عبد الله بن عبد الله، وبُعث في وجه آخر من الوجوه، وولّي زياد بن حنظلة -وكان من المهاجرين- فعمل قليلًا، وألحّ في الاستعفاء، فأعفي، وولّي عمّار بن ياسر بعد زياد؛ فكان مكانه، وأمدّ أهلَ البصرة بعبد الله بن عبد الله، وأمدّ أهلَ الكوفة بأبي موسى، وجعل عمر بن سُراقة مكانه، وقدمت الألوية من عند عمر إلى نفر بالكوفة زمان زياد بن حنظلة، فقدم لواء منها على نُعيم بن مقرّن، وقد كان أهل همَذان كفروا بعد الصلح، فأمره بالسَّيْر نحو هَمَذان، وقال: فإن فتح الله على يديك فإلى ما وراء ذلك في وجهك ذلك إلى خُراسان. وبعث عتبة بن فَرقد، وبكير بن عبد الله وعقد لهما على أذْرَبيجان، وفرّقها بينهما، وأمر أحدهما أن يأخذ إليها من حُلْوان إلى ميمنتها، وأمر الآخر أن يأخذ إليها من الموصل إلى ميسرتها، فتيامن هذا عن صاحبه، وتياسر هذا عن صاحبه. وبعث إلى عبد الله بن عبد الله بلواء؛ وأمره أن يسير إلى أصبهان، وكان شجاعًا بطلًا من أشراف الصحابة ومن وجوه الأنصار؛ حليفًا لبني الحبْلى من بني أسد؛ وأمدّه بأبي موسى من البصرة، وأمّر عمر بن سراقة على البصرة.
وكان من حديث عبد الله بن عبد الله: أنّ عمر حين أتاه فتح نهاوند بدا له أن يأذن في الانسياح فكتب إليه: أن سر من الكوفة حتى تنزل المدائن، فاندبهم ولا تنتخبهم، واكتب إليَّ بذلك؛ وعمر يريد توجيهه إلى أصبهان. فانتدب له فيمن انتدب عبد الله بن ورقاء الرياحيّ، وعبد الله بن الحارث بن ورقاء الأسديّ. والذين لا يعلمون يرون أنّ أحدهما عبد الله بن بُدَيل بن ورقاء الخُزاعيّ، لذكر ورقاء، وظنوا: أنه نُسب إلى جدّه، وكان عبد الله بن بُديل بن ورقاء يوم قُتِل بصفّين ابن أربع وعشرين سنة، وهو أيامَ عمر صبيّ.
ولما أتى عمرَ انبعاثُ عبد الله؛ بعثَ زياد بن حنظلة، فلما أتاه انبعاث الجنود وانسياحهم؛ أمّر عمّارًا بعدُ، وقرأ قول الله عزّ وجلّ:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} وقد كان زياد صُرِف في