قال: على مهرجا نقذق وأرضها. قالوا: قد أخبرناك أنه لا يدري علامَ بعثته! فعزله عنهم، ثم دعاه بعد ذلك، فقال: أساءك حين عزلتُك؟ فقال: والله ما فرحتُ به حين بعثتَنِي، ولقد ساءني حين عزلتَني. فقال: لقد علمتُ ما أنت بصاحب عمل، ولكني تأوّلت:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}(١)(٤: ١٦٤).
٥٧١ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن خُليد بن ذَفَرة النَّمَريّ، عن أبيه بمثله وزيادة، فقال: أوتُحْمِد نفسَك بمعرفة من تُعالجه منذ قدمت! وقال: والله يا عمّار! لا ينتهي بك حدُّك حتى يلقيَك في هَنة، وتالله لئن أدركك عمر لترِقّنّ، ولئن رققتَ لتُبتلينّ، فسل الله الموت. ثمّ أقبل على أهل الكوفة فقال: مَن تريدون يا أهلَ الكوفة؟ فقالوا: أبا موسى. فأمّره عليهم بعد عمار، فأقام عليهم سنة، فباع غلامُه العَلَف. وسمعه الوليد بن عبد شمس، يقول: ما صحبتُ قومًا قطّ إلا آثرتهم؛ ووالله ما منعنِي أن أكذِّب شهودَ البصرة إلّا صحبتهُم، ولئن صحبتُكم لأمنحنّكم خيرًا. فقال الوليد: ما ذهب بأرضنا غيرُك؛ ولا جرم لا تعمل علينا. فخرج وخرج معه نفر، فقالوا: لاحاجةَ لنا في أبي موسى، قال: ولم؟ قالوا: غلام له يتّجر في حَشَرنا. فعزله عنهم وصرفه إلى البصرة، وصرف عمرَ بن سراقة إلى الجزيرة. وقال لأصحاب أبي موسى الذين شخصوا في عزله من أهل الكوفة: أقويٌّ مشدّد أحبّ إليكم أم ضعيف مؤمن؟ فلم يجد عندهم شيئًا، فتنحّى، فخلا في ناحية المسجد، فنام فأتاه المغيرة بن شعبة فكلأه حتى استيقظ، فقال: ما فعلتَ هذا يا أمير المؤمنين إلّا من عظيم؛ فهل نابك من نائب؟ قال: وأيّ نائب أعظم من مئة ألف لا يرضوْن عن أمير، ولا يرضى عنهم أمير! وقال في ذلك ما شاء الله.
واختُطّت الكوفة حين اختُطّت على مئة ألف مقاتل؛ وأتاه أصحابه، فقالوا: يا أميرَ المؤمنين! ما شأنك؟ قال: شأني أهل الكوفة قد عَضّلوا بي. أعاد عليهم عمر المشورة التي استشار فيها، فأجابه المغيرة فقال: أمّا الضعيف المسلم؛ فضعفه عليك وعلى المسلمين، وفضله له، وأمّا القويّ المشدّد؛ فقوّته لك