للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٤٢ - وخطب أيضًا، فقال بعد ما حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي - صلى الله عليه وسلم -:

أيها الناس! إنّ بعض الطمع فقر، وإن بعض اليأس غنىً، وإنكم تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، وأنتم مؤجّلون في دار غرور. كنتم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تؤخذون بالوحي، فمن أسرّ شيئًا أخذ بسريرته، ومن أعلن شيئًا أخذ بعلانيته؛ فأظهروا لنا أحسن أخلاقكم؛ والله أعلمُ بالسرائر؛ فإنه مَن أظهر شيئًا، وزعم أن سريرته حسنة، لم نصدّقه، ومَنْ أظهر لنا علانية حسنة؛ ظننّا به حسنًا. واعلموا: أنّ بعض الشحّ شعبة من النفاق، فأنفقوا خيرًا لأنفسكم، ومن يوقَ شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون.

أيّها الناس! أطيبوا مثواكم، وأصلحوا أموركم؛ واتّقوا الله ربكم، ولا تُلبسوا نساءكم القَباطِيّ؛ فإنه إن لم يشفّ فإنه يصف.

أيها الناس! إني لوددت أن أنجوَ كَفافًا لا لي ولا عليّ، وإني لأرجو إن عُمّرت فيكم يسيرًا أو كثيرًا أن أعمل بالحقّ فيكم إن شاء الله، وألّا يبقى أحد من المسلمين وإن كان في بيته إلّا أتاه حقُّه ونصيبه من مال الله، ولا يُعمِل إليه نفسه؛ ولم ينصُب إليه يومًا. وأصلحوا أموالكم التي رزقكم الله؛ ولقليل في رفق خير من كثير في عنف، والقتل حَتْف من الحتوف، يصيب البرّ والفاجر، والشهيد مَن احتسب نفسه. وإذا أراد أحدكم بعيرًا، فليعمِد إلى الطويل العظيم فليضرْبه بعصاه؛ فإن وجده حديد الفؤاد فليشتره.

قالوا: وخطب أيضًا فقال:

إنّ الله سبحانه وبحمده قد استوجب عليكم الشكر، واتّخذ عليكم الحجّ فيما آتاكم من كرامة الآخرة والدنيا عن غير مسألة منكم له، ولا رغبة منكم فيه إليه، فخلقكم تبارك وتعالى ولم تكونوا شيئًا لنفسه، وعبادته، وكان قادرًا أن يجعلكم لأهونِ خلقه عليه، فجعل لكم عامّة خلقه، ولم يجعلكم لشيء غيره، وسخّر لكم ما في السّموات وما في الأرض، وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة، وحملكم في البرّ والبحر، ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون.

ثم جعل لكم سمعًا وبصرًا. ومن نعَم الله عليكم نعم عمّ بها بني آدم، ومنها

<<  <  ج: ص:  >  >>