للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فرعون قيضوا لالتقاطه ليهون لهم عدوًّا وحزنًا، وصارت اللام معللة كغيرها .. والله أعلم. ويقوّي هذا التقدير الثاني قوله: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ} وهو الوزير السوء {وَجُنُودَهُمَا} تابعين لهما {كَانُوا خَاطِئِينَ} أي كانوا على خلاف الصواب، فاستحقوا هذه العقوبة والحسرة.
فلما رأته ووقع نظرها عليه أحبته حبًّا شديدًا، فلما جاء فرعون قال: ما هذا؟ وأمر بذبحه، فاستوهبته منه ودفعت عنه وقالت: {قُرَّتُ عَينٍ لِي وَلَكَ}.
وقولها: {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا} قد أنالها الله ما رجت من النفع، أما في الدنيا فهداها الله به، وأما في الآخرة فأسكنها جنته بسببه: {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} وذلك أنهما تبنياه، لأنه لم يكن يولد لهما ولد، قال الله تعالى: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}. أي لا يدرون ماذا يريد الله بهم، أن قيضهم لالتقاطه، من النقمة العظيمة بفرعون وجنوده؟
قال الله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقَالتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنَا عَلَيهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (١٢) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَينُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص: ١٠ - ١٣].
قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جير وأبو عبيدة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} أي من كل شيء من أمور الدنيا إلَّا من موسى {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} أي لتظهر أمره وتسأل عنه جهرة {لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} أي صبَّرناها وثبتناها {لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقَالتْ لِأُخْتِهِ} وهي ابنتها الكبيرة: {قُصِّيهِ} أي اتبعي أثره واطلبي لي خبره {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} قال مجاهد: عن بعد. وقال قتادة: جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده. ولهذا قال {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} وذلك لأن موسى عليه السلام لما استقر بدار فرعون أرادوا أن يغذوه برضاعة فلم يقبل ثديًا ولا أخذ طعامًا، فحاروا في أمره، واجتهدوا على تغذيته بكل ممكن فلم يفعل، كما قال تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ} فأرسلوه مع القوابل والنساء إلى السوق، لعلهم يجدون من يوافق رضاعته. فبينما هم وقوف به والنساء عكوف عليه إذ بصرت به أخته، فلم تظهر أنها تعرفه بل قالت: {فَقَالتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}.
فأطلقوها وذهبوا معها إلى مننرلهم، فأخذته أمه، فلما أرضعته التقم ثديها وأخذ يمتصه ويرتضعه، ففرحوا بذلك فرحًا شديدًا، وذهب البشير إلى "آسية" يعلمها بذلك، فاستدعتها إلى منزلها وعرضت عليها أن تكون عندها، وأن تحسن إليها.
فرجعت به تحوزه إلى رحلها، وقد جمع الله شمله بشملها.
قال الله تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَينُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أي كما =

<<  <  ج: ص:  >  >>