للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدًّا إذ أمِرت أن أَأْتمر. ألا إنّ الفتنة قد أطلعتْ خَطْمها وعينيْها؛ ووالله لأضربنّ وجهها حتى أقمعها، أو تُعييني؛ وإني لرائد نفسي اليوم، ونزل، وسأل عن أهل الكوفة، فأقيم على حال أهلها.

فكتب إلى عثمان بالذي انتهى إليه: إنّ أهلَ الكوفة قد اضطرب أمرُهم، وغُلب أهل الشرف منهم والبُيوتات، والسابقة، والقُدْمة؛ والغالب على تلك البلاد روادف ردفت، وأعراب لحقت؛ حتى ما يُنظَر إلى ذي شرف، ولا بلاء من نازلتها, ولا نابتتها.

فكتب إليه عثمان: أمّا بعد؛ ففضِّل أهل السابقة والقُدْمة ممن فتح الله عليه تلك البلاد، وليكن مَن نزلها بسببهم تبعًا لهم؛ إلّا أن يكونوا تثاقلُوا عن الحقّ، وتركوا القيام به، وقام به هؤلاء. واحفظ لكلٍّ منزلته، وأعطهم جميعًا بقسطهم من الحقّ، فإنّ المعرفة بالناس بها يصاب العدْل.

فأرسل سعيد إلى وجوه الناس من أهل الأيّام والقادسيّة، فقال: أنتم وجوه من وراءكم، والوجه ينبئ عن الجسد، فأبلغونا حاجة ذي الحاجة، وخَلّة ذي الخَلّة، وأدخل معهم مَن يحتمل من اللواحق والرّوادف؛ وخلَص بالقرّاء والمتسمِّتين في سَمره، فكأنما كانت الكوفة يبْسًا شملته نار؛ فانقطع إلى ذلك الضرب ضربُهم، وفشت المقالة والإذاعة.

فكتب سعيد إلى عثمان بذلك، فنادى منادي عثمان: الصلاة جامعة! فاجتمعوا، فأخبرهم بالذي كتب به إلى سعيد، وبالذي كتب به إليه فيهم؛ وبالذي جاءه من القالَة والإذاعة، فقالوا: أصبتَ فلا تُسعفهم في ذلك؛ ولا تُطعمهم فيما ليسوا له بأهل، فإنه إذا نهض في الأمور من ليس لها بأهل لم يحتملها وأفسدها.

فقال عثمان: يا أهلَ المدينة استعدّوا، واستمسكوا، فقد دبّت إليكم الفتن. ونزل، فأوى إلى منزله، وتمثّل مثَلَه ومثَل هذا الضّرب الذين شرعوا في الخلاف:

<<  <  ج: ص:  >  >>