ولكن تبقى لنا مسألة البحث والتحري عن شخصية عبد الله بن سبأ ومدى تأثيره على الفتنة وتأجيجها - فنقول وبالله التوفيق: أما وجوده كشخصية تأريخية فالراجح أن نعم، ولم ينفرد سيف بذكر ابن سبأ في روايات السنة والشيعة وكتب الرجال سواء عند الشيعة أو السنة - فقد ذكر الكثيبي وهو من علماء الشيعة عدة روايات عنه في كتاب الرجال؛ منها ما رواه عن أبي جعفر أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الله، تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فدعاه وسأله فأقرَّ بذلك وقال: نعم أنت هو وقد كان ألقي في روعي أنك أنت الله وأنت النبي، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب. فأبى فحمسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار وقال: إن الشيطان استهواه فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك. وأخرج ابن عساكر عدة رواياتٍ من غير طريق سيف يذكر فيها عبد الله بن سبأ؛ منها ما أخرجه من طريق أبي الطفيل قال: رأيت المسيب بن نجبة، أتى به يلببه - يعني ابن السوداء - وعليّ على المنبر فقال عليّ: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله. وأخرج ابن عساكر كذلك عن الشعبي قوله: (أول من كذب عبد الله بن سبأ) تأريخ دمشق لابن عساكر، (في ترجمته عبد الله بن سالم وعبد الله بن أبي عائشة). وأخرج خليفة بن خياط في تأريخه: حدثنا المعتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: دخل عليه رجل من بني سدوس يقال له: الموت الأسود، فخنقه وخفقه قبل أن يضرب بالسيف فقال: والله ما رأيت شيئًا ألين من خناقه، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان تردد في جسده (تأريخ خليفة / ١٧٤) وإسناده حسن. وسنرجع إلى تسمية من شارك في مقتل أمير المؤمنين عثمان في حينه إن شاء الله تعالى.