سمعتُ عبدَ الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم، قال: قبّح الله مروان! خرج عثمان إلى الناس، فأعطاهم الرّضا، وبكى على المنبر وبكى الناس حتى نظرت إلى لحية عثمان مُخْضَلّة من الدّموع، وهو يقول: اللهمّ إنِّي أتوب إليك! اللهم إني أتوب إليك! اللهم إنّي أتوب إليك! والله لئن ردّني الحق إلى أن أكون عبدًا قِنًّا لأرضينّ به! إذا دخلتُ منزلي فادخلوا عليَّ؛ فوالله لا أحتجب منكم، ولأعطينكم الرضا، ولأزيدنَّكم على الرّضا، ولأنحّينّ مروان وذويه. قال: فلما دخل أمر بالباب ففتح، ودخل بيته، ودخل عليه مَرْوان، فلم يزل يفتله في الذِّرْوة والغارب حتى فَتله عن رأيه؛ وأزاله عمّا كان يريد؛ فلقد مكث عثمان ثلاثة أيام ما خرج استحياءً من الناس؛ وخرج مروان إلى الناس، فقال: شاهت الوجوه! ألا من أريد! ارجعوا إلى منازلكم؛ فإن يكن لأمير المؤمنين حاجة بأحد منكم يرسل إليه، وإلّا قرّ في بيته. قال عبد الرحمن: فجئت إلى عليّ فأجده بين القبر والمنبر، وأجد عنده عمّار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر وهما يقولان: صنَع مروان بالناس وصَنع. قال: فأقبل عليَّ عليٌّ، فقال: أحضرت خطبة عثمان؟ قلت: نعم، قال: أفحضرت مقالة مروان للناس؟ قلت: نعم، قال عليّ: عياذ الله، يا للمسلمين! إنّي إن قعدت في بيتي قال لي: تركتَنِي وقرابتي وحقي؛ وإني إن تكلمت فجاء ما يريد يلعب به مَرْوان، فصار سيّمة له، يسوقُه حيث شاء بعد كبَر السنّ وصحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال عبد الرحمن بن الأسود: فلم يزُل حتى جاء رسول عثمان: ائتني، فقال عليّ بصوت مرتفع عالٍ مغضَب: قل له: ما أنا بداخل عليك، ولا عائد. قال: فانصرف الرسول. قال: فلقيتُ عثمان بعد ذلك بليلتين خائبًا، فسألت نائلًا غلامه: من أين جاء أمير المؤمنين؟ فقال: كان عند عليّ، فقال عبد الرحمن بن الأسود: فغدوتُ فجلست مع عليّ عليه السلام، فقال لي: جاءني عثمان البارحة، فجعل يقول: إني غير عائد؛ وإني فاعل؛ قال: فقلت له: بعد ما تكلّمت به على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعطيتَ من نفسك، ثم دخلتَ بيتك، وخرج مروان إلى الناس فشتمهم على بابك ويؤذيهم! قال: فرجع وهو يقول: قطعتَ رحمي، وخذلتَني، وجرّأت الناس عليَّ. فقلت: والله إني لأذبّ الناس عنك؛ ولكني كلَّما جئتك بهنَة أظنّها لك رضًا جاء بأخرى؛ فسمعتَ قولَ مروان عليّ، واستدخلت مروان. قال: ثمّ انصرف إلى بيته. قال عبد الرحمن بن الأسود: فلم أزل أرى عليًّا منكِّبًا عنه