إنْ تُمْسِ دارُ ابْن أرْوَى مِنْه خاوِيَةً ... بابٌ صَريعٌ وبابٌ مُحْرَق خرِبُ
فقد يُصادِفُ باغي الخَيْرِ حاجتَهُ ... فيها ويهوي إليها الذكرُ والحَسَبُ
يا أيُّها الناسُ أبْدوا ذاتَ أنْفُسِكُمْ ... لا يَسْتَوي الصّدْقُ عند الله والكذِبُ
قوموا بِحَقِّ مليكِ الناسِ تَعْتَرفوا ... بغارةٍ عُصَبٍ مِنْ خَلفِها عُصَبُ
فيهم حبيبٌ شِهابُ المَوْتِ يَقْدُمُهُمْ ... مسْتَلئِمًا قد بدَا في وَجْهِه الغَضَبُ
وله فيه أشعار كثيرة. وقال كعب بن مالك الأنصاريّ:
يا للرِّجالِ لِلُبِّكَ المخْطوفِ ... ولِدمْعِك المُتَرَقْرِقِ المنزوفِ
وَيْحٌ لأمْر قد أتاني رائع ... هدَّ الجبالَ فأنقَضتْ بِرُجوفِ
قَتْلُ الخليفةِ كان أمرًا مُفْظِعًا ... قامَتْ لِذاك بَليَّةُ التخْويفِ
قتْلُ الإمامِ له النجومُ خَواضعٌ ... والشمسُ بازغةٌ له بكُسوفِ
يا لَهْفَ نفسي إذ تَوَلَّوْا غُدْوَةً ... بالنعش فوقَ عواتقٍ وكُتوفِ!
وَلَّوْا ودَلَّوْا في الضَّريحِ أخاهُمُ ... ماذا أجنَّ ضريحُهُ المَسْقوفُ!
مِن نائلٍ أو سُودَدٍ وحَمالَةٍ ... سبَقَتْ له في الناس أو معروفِ
كم مِنْ يَتيمٍ كانَ يَجْبُرُ عظمَهُ ... أمْسى بمنزِلِه الضَّياع يطوف
ما زال يقْبَلُهُمْ ويَرْأَبُ ظُلْمَهمْ ... حتى سمعْتُ بِرَنَةِ التَّلهيف
أمْسَى مُقيمًا بالبَقيعِ وأصبحوا ... متَفرَّقين قَد أجمعوا بخفوفِ
النارُ موعِدُهُمْ بقتل إمامِهِمْ ... عثمانَ ظَهْرًا في البلادِ عَفيف
جَمَعَ الحمالَة بعدَ حِلْمٍ راجح ... والخيْرُ فيه مُبَيَّن معروف
يا كعب لا تَنْفكّ تَبْكي مالكا ... ما دُمْتَ حيًّا في البلاد تطوف
فأبكي أبا عمرو عَتيقًا واصلًا ... ولواءهم إذ كان غيْرَ سَخيفِ
ولَيَبْكِهِ عِنْدَ الحفاظِ لمُعْظِمٍ ... والخيْلُ بين مَقانبٍ وصُفوف
قَتلوك يا عثمانُ غيْرَ مُدنَّسٍ ... قتْلًا لَعَمْرُكَ واقفًا بسَقيف
وقال حسَّان:
من سَرَّهُ الموتُ صِرْفًا لا مِزَاجَ له ... فليأتِ مأسَدَةً في دارِ عُثْمانا
مُستشْعري حَلَقِ الماذِيّ قدْ شفِعَتْ ... قبلَ المخاطِمِ بَيْضٌ زانَ أبْدانا
صبْرًا فِدى لكُمُ أمّي وما وَلَدَتْ ... قد ينفعُ الصَّبْرُ في المَكْروهِ أحيانا
فقد رَضينا بأهل الشأم نافِرةً ... وبالأمير وبالإخْوانِ إخْوانا