للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاد المسلمين، وهذا بعدي أمير يقدم عليك. قال له عبد الله: ومن هذا الأمير؟ قال: قيس بن سعد بن عُبادة الأنصاريّ؛ قال عبد الله بن سعد: أبْعَد الله محمدَ بن أبي حذيفة! فإنه بغى على ابن عمِّه، وسعى عليه، وقد كان كفله وربّاه وأحسن إليه، فأساء جوارَه، ووثب على عمّاله، وجهز الرجال إليه حتى قتل، ثم ولى عليه من هو أبعد منه ومن عثمان، لم يمتِّعه بسلطان بلاده حولًا ولا شهرًا، ولم يره لذلك أهلًا، فقال له الرجل: انجُ بنفسك، لا تُقتَل، فخرج عبد الله بن سعد هاربًا حتى قدم على معاوية بن أبي سُفيان دِمشق.

قال أبو جعفر: فخبرُ هشامٍ هذا يدلّ على أن قيس بن سعد ولي مصر؛ ومحمد بن أبي حذيفة حيّ (١). (٤: ٥٤٦/ ٥٤٧).

١٠٥٨ - وفي هذه السنة بعث عليّ بن أبي طالب على مصر قيس بن سعد بن عبادة الأنصاريّ، فكان من أمره ما ذكر هاشم بن محمد الكَلبيّ، قال: حدّثني أبو مِخنف عن محمد بن يوسف بن ثابت، عن سهل بن سعد، قال: لما قُتِل عثمان رضي الله عنه، وولي عليّ بن أبي طالب الأمر؛ دعا قيس بن سعد الأنصاريّ، فقال له: سر إلى مصرَ فقد وليتُكَها، واخرج إلى رحلك، واجمع إليك ثقاتك ومَن أحببت أن يصحبك حتى تأتيَها ومعك جند، فإن ذلك أرعب لعدوّك، وأعزّ لوليّك، فإذا أنت قدِمتهَا إن شاء الله فأحسِن إلى المحسن، واشتدّ على المريب، وارفُق بالعامة والخاصّة، فإنّ الرفق يُمن.


(١) إسناده تالف وفيه نكارة، وقال يحيى: لم أجد أحدًا من المؤمنين وافق أبا مخنف فيما ذهب إليه سوى ما ذكره عن محمد بن أبي حذيفة عن تأليبه للناس وتخريبهم على عثمان رضي الله عنه فهذا يكاد يكون محل إجماع بينهم (مرويات أبي مخنف/ ١٩٧).
قلنا: ولكن هذا التأليب والتخريب من قبل محمد بن أبي حذيفة لم يرد بسند صحيح والله أعلم.
ولم نجد أحدًا من الصحابة ساوى بين مقتل عثمان والبيعة لعلي وكذلك فيه طعن في عدالة علي وسلوك سيدنا علي في وقعة الجمل وغيرها، وخير دليل على تكذيب ما ورد هنا (إن ظفر بكم قتلكم أو نفاكم) وقد شهد الكذب هذا الكلام ما قد ذكرنا في وقعة الجمل قول مروان بن الحكم لمحمد بن الحسين: ما رأيت أحدًا أكرم غلبة من أبيك - يعني عليًّا - ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل فنادى مناديه لا يقتل مدبر ولا يذفف جريح (الأم ٤/ ٢١٦).
أضف إلى ذلك فإن عبد الله بن سرح ذهب إلى عسقلان معتزلًا الفتنة والله أعلم (المعرفة والتأريخ ١/ ٢٥٤). و (التاريخ الكبير ٥/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>