فلما قدم جرير بن عبد الله على عليّ -فيما حدّثني عمر بن شبّة، قال: حدّثنا أبو الحسن، عن عوانة- فأخبره خبر معاوية، واجتماع أهل الشامِ معه على قتاله، وأنّهم يبكون على عثمان، ويقولون: إنّ عليًّا قتله، وآوى قتَلتَه، وإنّهم لا ينتهون عنه حتى يقتلهم، أو يقتلوه. فقال الأشتر لعليّ: قد كنت نهيتُك أن تبعث جريرًا، وأخبرتُك بعداوته وغشّه، ولو كنتَ بعثتَني كان خيرًا من هذا الذي أقام عنده حتى لم يَدَع بابًا يرجو فتحَه إلّا فتحَه، ولا بابًا يخاف منه إلّا أغلَقَه، فقال جرير: لو كنتَ ثمّ لقتلوك؛ لقد ذكروا أنَّك من قَتَلة عثمان رضي الله عنه، فقال الأشتر: لو أتيتُهم واللهِ يا جرير لم يُعيِني جوابُهم، ولحملتُ معاوية على خُطّة أعجِله فيها عن الفكر، ولو أطاعني فيك أميرُ المؤمنين؛ لحبَسَك وأشباهَك في محبس لا تخرجون منه حتى تستقيم هذه الأمور.
فخرج جرير بن عبد الله إلى قَرْقِيسياءَ، وكتب إلى معاوية، فكتب إليه يأمره بالقدوم عليه، وخرج أميرُ المؤمنين فعسكر بالنُّخيلة، وقدم عليه عبد الله بنُ عباس بمن نهض معه من أهل البصرة.
عاد الحديث إلى حديث عوانة، فبعث عليٌّ زيادَ بن النّضر الحارثيّ طليعةً في ثمانيةِ آلاف، وبعث معه شُريح بن هانئ في أربعة آلاف، وخرج عليٌّ من النُّخَيلة بمن معه، فلمّا دخل المدائنَ شَخصَ معه مَن فيها من المقاتلة، وولّى على المدائن سعدَ بن مسعود الثقفيّ عمّ المختار بن أبي عُبيد، ووجّه عليّ من المدائن معقلَ بنَ قيس في ثلاثة آلاف، وأمره أن يأخذ على الموصل حتى يوافيَه (١). (٤: ٥٦١/ ٥٦٢ وتكملة - ٥٦٥).
١٠٧١ - وكان أهل الشام فيما كتب إليّ السريّ يذكر: أن شعيبًا حدّثه عن سيف، عن محمد وطلحة - لما قدم عليهم النّعمان بن بشير بقميص عثمانَ رضي الله عنه - الذي قتل فيه مخضّبًا بدمِه وبأصابع نائلةَ زوجته مقطوعة بالبَراجم؛ إصبعان منها وشيء من الكفّ، وإصبعان مقطوعتان من أصولهما ونصف الإبهام - وضع معاوية القميصَ على المنبر، وكتب بالخبر إلى الأجناد، وثابَ إليه الناس، وبكوْا سنة وهو على المنبر والأصابع معلّقة فيه، وآلى الرجال من أهل