للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَغيب، فما كان أسرع من أن جاءه مولاه، فذهب به، وأخذتُ قربته وهي مملوءةٌ، وآتي بها أبي مخنفًا، فقال: من أين جئت بها؟ فقلت: اشتريتها وكرهت أن أخبره الخبر، فيَجِدَ عليَّ -فقال: اسقِ القومَ، فسقيتُهم، ثم شرب آخرهم، ونازعتْني نفسي والله إلى القتال، فأنطلق فأتقدّم فيمن يقاتل، فقاتلناهم ساعة، ثم أشهدُ أنهم خلّوا لنا عن الماء، فما أمسينا حتى رأينا سُقاتنا وسُقاتهم يزدحمون على الشريعة، وما يؤذِي إنسانٌ إنسانًا، فأقبلت راجعًا، فإذا أنا بمولَى صاحب القربة، فقلت: هذه قِرْبتك عندنا، فأرسِل من يأخذها، أو أعلِمني مكانَك حتى أبعث بها إليك، فقال: رحمك الله! عندنا ما نكتفي به؛ فانْصرفت وذهب، فلما كان من الغد مرّ على أبي، فوقف فسلّم عليه، ورآني إلى جَنْبتِه، فقال: ما هذا الفتى منك؟ قال: ابني؛ قال: أراك الله فيه السرور، أنقذ الله عزّ وجلّ أمس غلامي به من القتل، حدّثني شباب الحيّ أنه كان أمس أشجعَ الناس، فنظر إليّ أَبي نظرةً عرفتُ منها في وجهه الغضب، فسكتّ حتى إذا مضى الرجل قال: هذا ما تقدّمت إليك فيه! فحلّفني ألّا أخرج إلى قتال إلّا بإذنه، فما شهدت من قتالهم إلّا ذلك اليوم حتى كان يوم من أيامهم (١). (٤: ٥٧٠/ ٥٧١).

١٠٨٠ - قال أبو مخنف: وحدّثني يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيّ، عن مِرهان مولى يزيد بن هانئ، قال: والله إنّ مولاي يزيد بن هانئ ليُقاتل على الماء، وإنّ القربة لفي يده، فلما انكشف أهل الشام انكشافةً عن الماء، استدرْتُ حتى أسقي، وإنِّي فيما بين ذلك لأقاتل وأرامي (٢). (٤: ٥٧١).

١٠٨١ - قال أبو مخْنف: وحدّثني يوسف بن يزيد، عن عبد الله بن عوف بن الأحمر، قال: لما قدمنا على معاوية وأهل الشام بصِفّين، وجدناهم قد نزلوا منزلًا اختاروه مستويًا بِساطًا واسعًا، أخذوا الشريعة، فهي في أيديهم، وقد صفّ أبو الأعور السُّلميّ عليها الخيل والرجال، وقد قدّم المُرامية أمام من معه، وصفّ صفًّا معهم من الرماح والدّرَق، وعلى رؤوسهم البَيْض، وقد أجمعوا على أن يمنعونا الماءَ، ففزعنا إلى أمير المؤمنين، فخبّرناه بذلك، فدعا صعصعة بن صُوحان، فقال له: ائت معاوية وقل له: إنّا سِرْنا مسيرنا هذا إليكم،


(١) إسناده تالف.
(٢) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>