للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحمِد اللهَ معاويةَ وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإنكم دعوتم إلى الطاعة والجماعة، فأمّا الجماعة التي دعوتم إليها فمعنا هي، وأمّا الطاعة لصاحبكم فإنا لا نراها؛ إنّ صاحبكم قتل خليفتَنا، وفرّق جماعتَنا، وآوى ثأرنا، وقتلَتَنا، وصاحبكم يزعم أنه لم يقتلْه، فنحن لا نردّ ذلك عليه، أرأيتم قتلَة صاحبنا؟ ألستم تعلمون أنهم أصحاب صاحبكم؟ فليدفعْهم إلينا فلنقتلْهم به. ثم نحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة.

فقال له شَبَث: أيسرّك يا معاوية أنك أُمْكِنْت من عمّار تقتله! فقال معاوية: وما يمنعني من ذلك! والله لو أمكِنْتُ من ابن سُميَّة ما قتلتُه بعثمانَ، ولكن كنتُ قاتلَه بناتل مولَى عثمان، فقال له شَبَث: وإله الأرض وإله السماء، ما عدلتَ معتدلًا. لا والذي لا إله إلّا هو لا تصل إلى عمَّار حتى تندُر الهام عن كواهل الأقوام، وتضيق الأرض الفضاء عليك برُحْبها. فقال له معاوية: إنه لو قد كان ذلك كانت الأرض عليك أضيَق.

وتفرّق القوم عن معاوية، فلما انصرفوا بعث معاوية إلى زياد بن خصَفة التيميّ، فخلا به، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أمَّا بعد يا أخا ربيعة، فإن عليًّا قطّع أرحامنا، وآوى قَتلَة صاحبنا. وإني أسألك النصر عليه بأسرَتك وعشيرِتك، ثم لك عهدُ الله جلّ وعزّ وميثاقُه أن أوَلِّيَك إذا ظهرتُ أىَّ المِصريْن أحببت (١). (٥: ٥ - ٦).


(١) إسناده تالف وفي متنه نكارات وغرائب، ولم يتابع أبا مخنف أحدٌ في روايته هذه ولا ندري كيف يذهب عدي بن حاتم رسولًا للسلام والصلح ثم يقوم بتهديد الطرف الذي يريد أن يتفاوض ويصالح: (فانته يا معاوية لا يصيبك الله وأصحابك بيوم مثل يوم الجمل) ونكرة أخرى من منكرات أبي مخنف في روايته هذه أن معاوية اتهم عدي بن حاتم بقتل عثمان وذلك لم يرد لا في رواية صحيحة ولا ضعيفة وقد ذكرنا في مسألة مقتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه قول الحسن: أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين والأنصار؟ قال: لا. كانوا أعلاجًا من أهل مصر (تأريخ خليفة/ ١٧٦) وكذلك ما أخرجه ابن عساكر (ترجمة عثمان / ٤٠٨) عن قيس بن أبي حازم أن قتلة عثمان ليس فيهم أحد من الصحابة.
والنكرة الأخرى التي تقوّلها على سيدنا معاوية أنه هدّد عمارًا بالقتل لا انتقامًا لدم عثمان رضي الله عنه وإنما دم عمار أرخص من ذلك فهو لا يعدو أن يكون عدلًا لدم ناتل مولى عثمان، وحاشا لكاتب الوحي وصحابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (معاوية) أن يتقول بهذا الكلام ولم =

<<  <  ج: ص:  >  >>