كتبتَ، فلا تَدَع إعلامي بما يكون بحضرتك مما النظر فيه للأمة صلاحٌ، فإنك بذلك جدير، وهو حقٌّ واجب عليك؛ والسلام.
وكتبَ إلى ابن عباس في ذلك، فكتب إليه ابنُ عباس: أما بعد، فإن الذي بلغك باطل، وإني لِمَا تحت يدي ضابط قائم له وله حافظ، فلا تصدِّق الظنون؛ والسلام.
قال: فكتب إليه عليّ: أما بعد، فأعلِمني ما أخذتَ من الجزية، ومِن أين أخذت؟ وفيم وضعت؟
قال: فكتب إليه ابنُ عباس: أما بعد، فقد فهمتُ تعظيمَك مَرْزَأة ما بلغك أنّي رَزَأتُه من مال أهلِ هذا البلد، فابعث إلى عملك مَنْ أحببت، فإنّي ظاعنٌ عنه، والسلام.
ثم دعا ابن عباس أخوالَه بني هلال بن عامر، فجاءه الضحّاك بن عبد الله، وعبد الله بن رَزين بن أبي عمرو الهلاليَّان، ثم اجتمعت معه قيس كلُّها فحمل مالًا (١). (٥: ١٤١/ ١٤٢).
١٢٠٦ - قال أبو زيد: قال أبو عبيدة: كانت أرزاقًا قد اجتمعتْ، فحمل معه مقدار ما اجتمع له، فبعثت الأخماس كلها، فلحقوه بالطَّفّ، فتواقَفوا يريدون أخذَ المال، فقالت قيس: واللهِ لا يُوصَل إلى ذلك وفينا عينٌ تَطرف. وقال صبرة بن شيمان الحُدّانيّ: يا معشر الأَزْد! واللهِ إنّ قيسًا لإخوانُنا في الإسلام، وجيرانُنا في الدار، وأعوانُنا على العدوّ! وإن الذي يصيبكم من هذا المال لو رُدّ عليكم لقليل، وهم غدًا خيرٌ لكم من المال. قالوا: فما ترى؟ قال: انصرِفوا عنهم ودَعُوهم، فأطاعوه فانصرفوا؛ فقالت بكر، وعبد القيس: نعم الرأيُ رأيُ صَبِرة لقومه، فاعتزَلوا أيضًا، فقالت بنو تميم: والله لا نفارقهم؛ نقاتلهم عليه. فقال الأحنف: قد ترك قتالَهم من هو أبعدُ منكم رَحمًا؛ فقالوا: واللهِ لنقاتلنّهم! فقال: إذًا لا أساعدكم عليهم، فاعتزلَهم؛ قال: فراسوا عليهم ابن المُجّاعة من بني تميم، فقاتَلوهم، وحمل الضحّاك على ابن المُجّاعة فطعنه، واعتَنَقَه عبد الله بن رَزِين، فسَقَطا إلى الأرض يعتَرِكان، وكثرت الجراح فيهم ولم يكن