أفحَمَه؛ قال: خذ حِذْرَك، واطوِ عنِّي سِرّك، فقال: إنّ زيادًا قدم يرجو الزّيادة، وقدمت أتخوّف النقصان، فكان سيرنا على حسب ذلك؛ قال: فسأل معاوية زيادًا عمّا صار إليه من أموال فارسَ، فأخبره بما حمل منها إلى عليّ رضي الله عنه، وما أنفق منها في الوجوه التي يحتاج فيها إلى النفقة، فصدّقه معاوية على ما أنفق، وما بقيَ عنده، وقبضَه منه، وقال: قد كنت أمينَ خلفائنا (١). (٥: ١٧٧/ ١٧٨).
حدّثني عمر، قال: حدّثنا عليّ، قال: حدّثنا أبو مِخْنف وأبو عبد الرحمن الأصبهَانيّ وسَلَمة بن عثمان وشيخ من بني تميم وغيرهم ممّن يوثَق بهم، قال: كتب معاوية إلى زياد وهو بفارسَ يسأله القدومَ عليه، فخرج زيادٌ من فارسَ مع المِنجاب بن راشد الضّبيّ، وحارثة بن بدر الغُدانيّ، وسرَّح عبدَ الله بن خازم في جماعة إلى فارس، فقال: لعلك تَلقَى زيادًا في طريقك فتأخذه. فسار ابنُ خازم إلى فارسَ، فقال بعضهم: لقيَه بسوق الأهواز، وقال بعضهم: لقيَه بأرّجان، فأخذ ابن خازم بعِنان زياد، فقال: انزِل يا زياد، فصاح به المِنجاب بن راشد: تنحّ يا بن سَوْداء، وإلا علَّقتُ يدَك بالعِنان. قال: ويقال: انتهى إليهم ابن خازم وزياد جالس، فأغلظ له ابن خازم، فشتَمَ المنجاب بن خازم، فقال له زياد: ما تريد يا بن خازم؟ قال: أريد أن تجيء إلى البصرة، قال: فإني آتيها؛ فانصرف ابن خازم استحياءً من زياد.
وقال بعضهم: التقى زياد، وابن خازم بأرَّجان، فكانت بينهم منازعة، فقال زياد لابن خازم قد أتاني أمان مُعاوية، فأنا أريده، وهذا كتابه إليَّ. قال: فإن كنتَ تريد أميرَ المؤمنين فلا سبيل عليك، فمضى ابن خازم إلى سابورَ، ومضى زياد إلى ماه بَهْزَاذان. وقَدِم على معاوية، فسأله عن أموال فارسَ، فقال: دفعتُها يا أميرَ المؤمنين في أرزاق وأعطيات وحمَالات، وبقيتْ بقيَّة أودعتها قومًا، فمكث بذلك يردّده، وكتب زياد كتبًا إلى قوم منهم شِعبة بن القِلْعم: قد علمتم ما لي عندكم من الأمانة، فتدبَّروا كتابَ الله عز وجلَّ:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ... } الآية، فاحتفِظوا بما قِبَلكم. وسمَّى في الكتب