للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن عمر: وحدّثني سُويد بن عبد العزيز عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فَرْوة، عن أبان بن صالح، عن قبِيصة بن ذُؤَيب، قال: كان عبد الملك قد همّ بالمنبر، فقال له قَبيصة بن ذؤيب: اذكِّرك اللهَ عزّ وجلّ أن تفعل هذا، وأن تحوّله! إنّ أمير المؤمنين معاوية حرّكه فكُسفت الشمس، وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على مِنبري آثمًا فليتبوّأ مقعَدَه من النار"، فتخرجه من المدينة وهو مقطّع الحقوق بينهم بالمدينة! فأقصَر عبدُ الملك عن ذلك، وكفّ عن أن يذكره، فلما كان الوليد وحجّ همّ بذلك وقال: خبّرانِي عنه، وما أراني إلا سأفعل: فأرسل سعيد بن المسيِّب إلى عمرَ بن عبد العزيز، فقال: كلِّم صاحبَك يتّق الله عزّ وجلّ ولا يتعرّض لله سبحانه ولسُخْطه، فكلّمه عمر بن عبد العزيز، فأقصَر وكفّ عن ذِكره، فلمّا حجّ سليمان بن عبد الملك أخبَرَه عمر بن عبد العزيز بما كان الوليد همّ به وإرسال سعيد بن المسّيب إليه، فقال سليمان: ما كنت أحبّ أن يذكر هذا عن أمير المؤمنين عبد الملك ولا عن الوليد، هذا مكابَرة، وما لَنا ولهذا! أخذنا بالدنيا فهي في أيدينا، ونريد أن نَعمد إلى عَلَم من أعلام الإسلام يوفَد إليه، فنحمله إلى ما قِبلَنا! هذا ما لا يَصلُح (١). (٥: ٢٣٩/ ٢٤٠).

وفيها عُزِلَ معاوية بن حُدَيْج عن مصرَ ووُلِّيَ مسلمة بن مخلّد مصر وإفريقيّة، وكان معاويةُ بن أبي سُفيان قد بعث قبل أن يولّي مسلمة مصر وإفريقيَة عُقْبَة بن نافع الفهِريّ إلى إفريقية، فافتتحها، واختطّ قَيْروانَها وكان موضعه غَيْضَةً - فيما زعم محمد بن عمر - لا تُرام من السباع والحيّات وغير ذلك من الدّوابّ، فدعا الله عزّ وجلّ عليها فلم يَبق منها شيء إلا خرج هاربًا، حتى إنّ


(١) الواقدي متروك، قلنا: هذه روايات ثلاث من طريق الواقدي المتهم بالكذب، والوضع من قبل الشافعي، والنسائي وأبو حاتم الرازي وقال الذهبي: (استقر الإجماع على وصف الواقدي). (تهذيب التهذيب ٩/ ٣٦٧).
فليس من من الغريب أن تصدر هذه الروايات المكذوبة والمفتراة من أمثال الواقدي ولم نجد تأييدًا لما ذكر ولو من رواية مرسلة والحمد لله على نعمة الإسناد - وسيدنا معاوية كاتب وحي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجلُّ وأرفع من أن يفكر بهذه الصورة ولكن ماذا نقول لقوم أعمى الحقد على صحابة رسول الله بصائرهم فاتكؤوا على هذه الروايات الواهية المكذوبة وروّجوا لها مع صنوهم من المستشرقين الحاقدين على التاريخ الإسلامي والمرء يحشر مع من أحب نسأل الله الستر والسلامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>