للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باصطفاء أموالِ مَرْوان، فأبى، وأخذ سعيد بن العاص الكتابَيْن فوضعهما عند جارية، فلما عُزِل سعيد عن المدينة فوليهَا مروان، كتب معاويةُ إلى مَرْوان بن الحكم يأمره بقبض أموال سعيد بن العاص بالحجاز، وأرسل إليه بالكتاب مع ابنه عبد الملك، فخبّره أنه لو كان شيئًا غير كتاب أمير المؤمنين لتجافيتُ، فدعا سعيدُ بن العاص بالكتابيْن اللّذَين كتب بهما معاويةُ إليه في أموال مَرْوان يأمره فيهما بقبض أموالِه، فذهب بهما إلى مَرْوان، فقال: هوَ كان أوصَلَ لنا مِنّا له! وكفّ عن قبض أموالِ سعيد.

وكتب سعيدُ بن العاص إلى معاوية. العَجبُ مما صنع أمير المؤمنين بنا في قَرابتنا، أن يُضْغن بعضَنا على بعض! فأمير المؤمنين في حلمه وصبره على ما يكره من الأجنبيْن، وعفوه وإدخاله القطيعة بيننا والشحناء، وتوارث الأولاد ذلك، فوالله لو لم نكن بني أب واحد إلّا بما جمعنا الله عليه من نَصْر الخليفة المظلوم، واجتماع كلمتنا؛ لكان حقًّا علينا أنْ نَرعَى ذلك، والذي أدركنا به خير. فكتب إليه يتنصّل من ذلك، وأنه عائدٌ إلى أحسن ما يَعهده (١). (٥: ٢٩٤/ ٢٩٣).

حدّثني عمر، قال: حدّثنا عليّ، قال: حدّثنا أبو محمد بن ذَكْوان القرشيّ، قال: قدم سعيد بن العاص على معاوية، فقال له: يا أبا عثمان! كيف تركتَ أبا عبد الملك؟ قال: تركتُه ضابطًا لعَملِك، منفذًا لأمرك. قال: إنه كصاحب الخُبْزة كُفيَ نُضجَها فأكلَها، قال: كلّا، واللهِ يا أمير المؤمنين! إنه لمع قوم لا يُحمل بهم السوط، ولا يحلّ لهم السيف، يتهادَوْن كوَقْع النّبل، سهمٌ لك وسهمٌ عليك؛ قال: ما باعدَ بينك وبينه؟ قال: خافني على شرَفه، وخِفْتُه على شرفي، قال: فماذا له عندَك؟ قال: أسرّه غائبًا، وأسرّه شاهدًا؛ قال: تركتَنا يا أبا عثمان في هذه الهَنات! قال: نعم يا أمير المؤمنين، فتحمّلتُ الثِّقْل، وكفيتُ الحزم، وكنتُ قريبًا لو دعوتَ أجبتُ، ولو ذهبتَ رفعتُ (٢). (٥: ٢٩٥)


(١) خبر منكر ولا غرابة فقد ذكره الواقدي هكذا بلا إسناد وهو متروك.
(٢) إسناده معضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>