للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي استتبّ لك إلّا أربعة نفر من قريش: الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزّبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فأمّا عبد الله بن عمر فرجلٌ قد وقَذَته العبادة، وإذا لم يبق أحدٌ غيره بايعك، وأما الحسين بن عليّ فإنّ أهل العراق لن يَدَعوه حتى يُخرجوه، فإن خرج عليك فظفرتَ به فاصفح عنه فإنّ له رَحمًا ماسّة وحقًّا عظيمًا؛ وأما ابن أبي بكر فرجل إن رأى أصحابَه صنعوا شيئًا صنع مثلَهم، ليس له همّة إلا في النساء واللهو، وأما الذي يجثم لك جثومَ الأسد، ويراوغك مراوَغة الثعلب، فإذا أمكنتْه فرصةٌ وثب، فذاك ابن الزبير، فإن هو فعَلَها بك فقَدَرت عليه فقطّعه إرْبًا إرْبًا (١). (٥: ٣٢٢/ ٣٢٣).

قال هشام: قال عَوانة: قد سمعْنا في حديث آخر: أنّ معاوية لما حضره الموت -وذلك في سنة ستين- وكان يزيد غائبًا، فدعا بالضحّاك بنِ قيس الفهريّ -وكان صاحب شرطته- ومسلم بن عقبة المرّيّ، فأوصى إليهما فقال: بلّغا يزيدَ وصيّتي، انظر أهل الحجاز فإنهم أصلك، فأكرِم من قدم عليك منهم، وتعاهد مَن غاب، وانظر أهلَ العراق، فإن سألوك أن تَعزِل عنهم كلّ يوم عاملًا فافعل، فإنّ عَزْلَ عامل أحبّ إليّ من أن تُشهر عليك مئة ألف سيف، وانظر أهل الشأم فليكونوا بطانتك وعَيْبَتَك، فإن نابك شيء من عدوّك فانتصر بهم، فإذا أصبتَهم فارددْ أهلَ الشأم إلى بلادهم، فإنهم إن أقاموا بغير بلادهم أخذوا بغير أخلاقهم؛ وإني لست أخاف من قريش إلّا ثلاثة: حسينَ بن عليّ، وعبدَ الله بن عمر، وعبَد الله بن الزبير؛ فأمّا ابن عمرَ فرجل قد وقَذَه الدّين، فليس ملتمسًا شَيئًا قبَلك، وأما الحسين بن على فإنه رجل خفيف، وأرجو أن يكفيكه الله بمن قَتَل أباه، وخَذَل أخاه، وإنّ له رَحمًا ماسَّة، وحقًّا عظيمًا، وقرابةً من محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا أظنّ أهلَ العراق تاركيه حتى يخرجوه، فإن قدرتَ عليه فاصفح عنه، فإنّي لو


(١) إسناده تالف ويكفي كشفًا لزيف أبي مخنف إذا علمنا أنَّ عبد الرحمن بن أبي بكر قد توفي قبل موت معاوية بسنتين كذلك قال ابن كثير وصححه (البداية والنهاية ٨/ ١١٨) وقال البلاذري: وروى بعضهم أن عبد الرحمن كان باقيًا حتى مات، وذلك باطل (أنساب الأشراف ٤/ ١٤٦).
وكعادة أبي مخنف فهو يستغل كل مناسبة ليكيل الشتائم ويطعن ويغمز ويلمز وما درى بأن أئمة الجرح والتعديل رحمهم الله قد قطعوا الطريق على أمثاله من الكذابين فبيّنوا أحوال كلٍّ بما يستحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>