إليه ممن يقاتلك معه؛ فقال الحسين: جزاك الله خيرًا يا بن عمّ؛ فقد واللهِ علمتُ أنك مشيتَ بنُصح، وتكلّمت بعقل، ومهما يُقضَ من أمر؛ يكن، أخذتُ برأيك أو تركتُه، فأنت عندي أحمدُ مُشيرٍ، وأنصَح ناصح.
قال: فانصرفتُ من عنده فدخلت على الحارث بن خالد بن العاص بن هشام، فسألني: هل لقيتَ حسينًا؟ فقلت له: نعم؛ قال: فما قال لك، وما قلت له؟ قال: فقلت له: قلت كذا وكذا، وقال كذا وكذا؛ فقال: نصحتَه وربِّ المَرْوَة الشَّهباء، أما وربّ البنيَّة إنّ الرأي لما رأيتَه قَبِلهُ أو تركه، ثم قال:
قال أبو مخنف: وحدثني الحارث بن كعب الوالبيّ عن عقبة بن سِمْعان: أن حسينًا لما أجمع المسير إلى الكوفة أتاه عبد الله بن عباس فقال: يا بن عمّ، إنك قد أرجف الناسُ أنك سائر إلى العراق، فبيِّن لي ما أنت صانع؟ قال: إني قد أجمعتُ المسير في أحد يومَّيَ هذين إن شاء الله تعالى؛ فقال له ابن عبّاس: فإني أعيذك بالله من ذلك، أخبِرْني رحمك الله! أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرَهم، وضبطوا بلادهم، ونَفوْوا عَدُوَّهم؟ فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسرْ إليهم، وإن كانوا إنما دَعَوْك إليهم وأميرُهم عليهم قاهر لهم، وعمّاله تَجبِي بلادَهم، فإنهم إنما دعَوك إلى الحرب والقتال، ولا آمَن عليك أن يغرُّوك ويكذبوك، ويخالفوك ويخذلوك، وأن يستنفروا إليك فيكونوا أشدّ الناس عليك؛ فقال له حسين: وإني أستخير الله وأنظر ما يكون.
قال: فخرج ابن عباس من عنده، وأتاه ابن الزبير فحدَّثه ساعةً، ثم قال: ما أدري ما تَرْكُنا هؤلاء القوم وكفُّنا عنهم، ونحن أبناء المهاجرين، ووُلاة هذا الأمر دونهم! خبّرْني ما تريد أن تصنع؟ فقال الحسين: واللهِ لقد حدّثتُ نفسي بإتيان الكوفة، ولقد كتب إليَّ شِيعتي بها وأشرافُ أهلِها، وأستخير الله، فقال له ابن الزبير: أما لو كان لي بها مثلُ شيعتك ما عدلتُ بها؛ قال: ثم إنه خَشيَ أن يتّهمه، فقال: أما إنك لو أقمتَ بالحجاز ثم أردتَ هذا الأمر هاهنا ما خُولفَ