للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= إسحاق: فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب، أنهم قالوا: وكان له ملك اسمه أنطيخس بن أنطيخس وكان يعبد الأصنام. فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل وهم: صادوق ومصدوق وشلوم، فكذبهم.
وهذا ظاهر أنهم رسل من الله عزَّ وجلَّ، وزعم قتادة أنهم كانوا رسلًا من المسيح، وكذا قال ابن جرير، عن وهب، عن ابن سليمان، عن شعيب الجبائي: كان اسم المرسلين الأولين. شمعون، ويوحنا، واسم الثالث: بولس، والقرية أنطاكية.
وهذا القول ضعيف جدًّا, لأن أهل أنطاكية لما بعث إليهم المسيح ثلاثة من الحواريين كانوا أول مدينة آمنت بالمسيح في ذلك الوقت، ولهذا كانت إحدى المدن الأربع التي تكون فيها بطارقة النصارى. وهن: أنطاكية، والقدس، والإسكندرية، ورومية، ثم بعدها القسطنطينية ولم يهلكوا، وأهل هذه القرية المذكورة في القرآن أهلكوا، كما قال في آخر قصتها بعد قتلهم صديق المرسلين: {إِنْ كَانَتْ إلا صَيحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} ولكن إن كانت الرسل الثلاثة المذكورون في القرآن. بعثوا إلى أهل أنطاكية قديمًا فكذبوهم وأهلكهم الله، ثم عمرت بعد ذلك، فلما كان في زمن المسيح آمنوا برسله إليهم، فلا يمنع هذا ... والله أعلم.
فأما القول بأن هذه القصة المذكورة في القرآن هي قصة أصحاب المسيح ضعيف لما تقدم، ولأن ظاهر سياق القرآن يقتضي أن هؤلاء الرسل من عند الله.
قال الله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا} يعني لقومك يا محمد {أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} يعني المدينة {إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيهِمُ اثْنَينِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} أي أيدناهما بثالث في الرسالة، {فَقَالُوا إِنَّا إِلَيكُمْ مُرْسَلُونَ} فردوا عليهم بأنهم بشر مثلهم، كما قالت الأمم الكافرة لرسلهم، يستبعدون أن يبعث الله نبيًّا بشريًّا، فأجابوا بأن الله يعلم أنا رسله إليكم، ولو كنا كذبنا عليه لعاقبنا وانتقم منا أشد الانتقام. {وَمَا عَلَينَا إلا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} أي إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم، والله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} أي تشاءمنا بما جئتمونا به. {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ} قيل: بالمقال، وقيل: بالفعال، ويؤيد الأول قوله: {وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} وعدهم بالقتل والإهانة. {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي مردود عليكم {أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ} أي بسبب أنا ذكرنا بالهدى ودعوناكم إليه، توعدتمونا بالقتل والإهانة {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} أي لا تقبلون الحق ولا تريدونه.
وقوله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} يعني لنصرة الرسل وإظهار الإيمان بهم {قَال يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} أي يدعونكم إلى الحق المحض بلا أجرة ولا جعالة. ثم دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن عبادة ما سواه مما لا ينفع شيئًا لا في الدنيا ولا في الآخرة. {إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} أي إن تركت عبادة الله وعبدت معه سواه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>