سعد، فكتب إليه المثنّى: أما بعد، فقد قرأت كتابك، وأقرأته إخوانك، فحمدوا رأيك، واستجابوا لك، فنحن مُوافُوك إن شاء الله للأجل الذي ضربت وفي الموطن الذي ذكرت؛ والسلام عليك، وكتب في أسفل كتابه:
تبَصَّرْ كأنِّي قد أتيتُك مُعْلِمًا ... على أَتْلِع الهادي أجَشَّ هَزِيمِ
طويلِ القَرَانَهْدِ الشَّوَاةِ مقلَّصٍ ... مُلِحٍّ على فأْسِ اللجام أَزُومِ
بكلِّ فتىً لا يملأُ الرَّوْع نَحرَه ... مُحِسٍّ لِعَضّ الحربِ غير سؤُومِ
قال أبو مخنف لوط بن يحيى، عن الحارث بن حَصيرة، عن عبد الله بن سعد بن نفيل، قال: كان أوّل ما ابتدعوا به من أمرهم سنة إحدى وستين، وهي السنة التي قُتلَ فيها الحسين - رضي الله عنه -، فلم يزل القومُ في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال، ودعاء الناس في السرّ مِن الشيعة وغيرها إلى الطلب بدم الحسين، فكان يجيبهم القوم بعد القوم، والنّفر بعد النّفر.
فلم يزالوا كذلك وفي ذلك حتى مات يزيدُ بنُ معاوية يومَ الخميس لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل سنة أربع وستين، وكان بين قتل الحسين وهلاك يزيدَ بن معاوية ثلاث سنين وشهران وأربعة أيام، وهلك يزيدُ وأمير العراق عبيدُ الله بن زياد، وهو بالبصرة، وخليفته بالكوفة عمرو بن حُريث المخزوميّ، فجاء إلى سليمان أصحابه من الشيعة، فقالوا: قد مات هذا الطاغية، والأمر الآن ضعيف، فإن شئت وثَبنا على عمرو بن حريث فأخرجْناه من القصر، ثمّ أظهرنا الطلبَ بدم الحسين، وتتبّعنا قَتَلَتَه، ودعوْنا الناس إلى أهل هذا البيت المستأثرَ عليهم، المدفوعين عن حقهم، فقالوا في ذلك فأكثروا؛ فقال لهم سليمان بن صُرَد: رُويدًا، لا تعجلوا، إني قد نظرت فيما تذكرون، فرأيت أنّ قتلَة الحسين هم أشراف أهل الكوفة، وفُرسان العرب وهم المطالَبون بدمه، ومتى علموا ما تريدون، وعلموا أنهم المطالبون؛ كانوا أشدّ عليكم، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرَهم، ولم