للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأشقريّ:

والتُّرك تعلمُ إذ لَاقى جُموعَهُمُ ... أنْ قد لقوهُ شِهابًا يَفرِج الظُّلمَا

بفِتيَةٍ كأُسُودِ الغابِ لم يَجِدوا ... غيرَ التأسِّي وغيرَ الصبرِ مُعْتَصَمَا

نرى شَرائجَ تَغشى القومَ من علقٍ ... وما أَرى نبوةً منهمْ ولا كَزَما

وتحتَهُمْ قرَّحٌ يَرْكبْنَ ما ركِبوا ... من الكريهة حتى ينْتلعن دَمَا

في حازَّةِ الموتِ حتى جنَّ لَيْلُهُمُ ... كِلَا الفريقين ما وَلَّى ولا انهزما (١)

(٦/ ٣٥٠ - ٣٥٢).

* * *

وفي هذه السنة صالَح المهلب أهل كسّ على فِدْية، ورحلَ عنها يريد مَرْوَ. ذكر الخبر عن سبب انصراف المهلَّب عن كِسّ:

ذكر عليّ بنُ محمَّد، عن المفضّل بن محمَّد، أن المهلب اتّهم قومًا من مُضرَ فحبسهم وقَفَل من كِسّ وخَلّفهم، وخَلّف حريث بنَ قُطْبة مولَى خُزاعة، وقال: إذا استوفيتَ الفِدْية فرُدَّ عليهم الرُّهُن، وقطع النَّهر فلما صار ببَلْخَ أقام بها وكَتَب إلى حُرَيث: إني لستُ آمن إن رددت عليهم الرّهُن أن يغيروا عليك، فإذا قبضتَ الفِديَة فلا تخلّى الرُّهُن حتى تقدم أرض بَلْخ. فقال حُرَيث لِملك كِسّ: إنَّ المهلب كتب إليّ أن أحبس الرُّهُن حتى أقدم أرض بَلْخ، فإن عَجّلت لي ما عليك سلّمتُ إليك رهائنَك، وسرت فأخبرتُه أن كتابه ورد، وقد استوفيتُ ما عليكم، ورددتُ عليكم الرهُن؛ فعجِّل لهم صُلحَهم، وردّ عليهم من كان في أيديهم منهم، وأقبَل، فعرَضَ لهم الترك، فقالوا: افْدِ نفسَك ومن معك، فقد لقينا يزيدَ بن المهلّب ففَدَى نفسِه، فقال حُرَيث: ولَدَتْني إذًا أمّ يزيد! وقاتَلَهم فقَتَلهم، وأسرَ منهم أسرَى ففدوْهم، فمنّ عليهم وخلّاهم، وردّ عليهم الفِداء، وبلِغ المهلّبَ قولُه: ولدتْني أمّ يزيدَ إذًا، فقال: يأنف العبدُ أن تَلده رَحِمهُ! وغَضِب.


(١) المفضل بن محمَّد غير ثقة في الحديث علَّامة ثقة في التاريخ كما قال الخطيب البغدادي، وانظر لسان الميزان.
وهو لم يشهد تلك الأحداث إنما يرسل الرواية عنها وقد أخذنا بروايته إذا تابعه آخرون ولم يتابع هنا والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>