قال: فماذا أمرتَه به فعصاك؟ قال: أمرتُه ألّا يَدَع صفراءَ ولا بيضاءَ إلا حمَلَها إلى الأمير، فقال رجل لعياض بن حضين: أما أبوك فوجَده قتيبةُ حين فرّه قارِحًا بقوله: "أمرته ألّا يدعَ صَفراء ولا بيضاءَ إلا حملها إلى الأمير". (٦/ ٣٩٣ - ٣٩٦).
قال عليّ: وحدّثنا كُلَيب بن خَلَف، قال: كتب الحجّاج إلى يزيدَ أن اغزُ خُوارزم، فكتَب إليه: أيها الأمير، إنها قليلة السَّلَب، شديدةُ الكَلَب، فكَتَب إليه الحجّاج: استخلِف واقدم، فكتَبَ إليه، إني أريد أن أغزوَ خُوارزم، فكتَب إليه: لا تغزُها فإنها كما وصَفت؛ فغزا ولم يُطِعه، فصالَحه أهلُ خوارزم، وأصاب سَبْيًا ممّا صالحوه، وقَفَل في الشتاء، فاشتدّ عليهم البردُ، فأخذ الناس ثيابَ الأسرَى فلبِسوها، فمات ذلك السبيّ من البَرْد، قال: ونزل يزيدُ بلستانة، وأصاب أهلَ مَرْو الروذ طاعونٌ ذلك العام، فكتب إليه الحجاج: أن اقدم، فقَدِم، فلم يمرّ ببلد إلا فَرَشوا له الرَّياحين، وكان يزيدُ ولي سنة اثنتين وثمانين، وعزل سنة خمس وثمانين، وخرج من خُراسان في ربيع الآخِر سنة خمس وثمانين وولي قتيبة. (٦/ ٣٩٦).
وأما هشام بن محمد، فإنه ذكر عن أبي مخنَف في عزل الحجاج يزيد عن خُراسان سببًا غير الذي ذكره عليّ بنُ محمد، والذي ذُكر من ذلك عن أبيِ مِخنَف أن أبا المُخارق الراسبيّ وغيره حدّثوه أن الحجّاج لم يكن له حين فرَغ من عبد الرّحمن بن محمد همٌّ إلا يزيدَ بن المهلّب وأهل بيته - وقد كان الحجاج أذلّ أهلَ العراق كلّهم إلا يزيد وأهل بيته ومَن معهم من أهل المِصْرَين بخُراسان، ولم يكن يتخوّف بعد عبد الرحمن بن محمد بالعراق غيرَ يزيد بن المهلب - فأخذ الحجاجُ في مواربة يزيد ليستخرجَه من خُراسان، فكان يبعث إليه ليأتيه، فيعتلّ عليه بالعدوّ وحَرْب خُراسان، فمكث بذلك حتى كان آخرَ سلطان عبدِ الملك، ثمّ إنّ الحجّاج كتب إلى عبد الملك يشير عليه بعَزْل يزيدَ بن المهلب، ويخبره