للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عليّ: أخبرَنا حمزةُ بنُ إبراهيم، عن أشياخ من أهلِ خُراسان، وعليّ بن مجاهد، عن حَنْبل بن أبي حريدة، عن مَرْزُبان قُهِستْان وغيرِهما، أن قتيبة بنَ مسلم لما رجع إلى مَرْوَ وقَتَل نِيزَك طَلَب ملِكَ الجُوزجان - وكان قد هَرَب عن بلاده - فأرسَل يطلب الأمانَ، فآمنه على أن يأتيَه فيصالحه، فطلب رُهُنًا يكونون في يديه ويُعطِي رهائن، فأعطَى قتيبةُ حبيب بن عبد الله بن عمرو بن حُصَين الباهليّ، وأعطى مَلِكُ الجوزجان رَهائنَ من أهل بيته، فخلَّف مَلِك الجوزجان حبيبًا بالجُوزجان في بعض حُصونِه، وقَدِم على قتيبة فصالَحه، ثمّ رجع فمات بالطالقان.

فقال أهلُ الجُوزجان: سمّوه، فقَتلوا حبيبًا، وقتل قتيبة الرّهن الذين كانوا عندَه، فقال نَهار بنُ تَوسِعة لقتيبة:

أَراك اللهُ في الأَتراك حُكمًا ... كحُكْمٍ في قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ

قضَاءٌ من قُتيبةَ غَيْرُ جوْر ... بهِ يُشفى الغليلُ من الصُدُورِ

فإِن يرَ نِيزكٌ خزيًا وذُلًّا ... فكمْ في الحَرب حُمِّق من أَمير!

وقال المغيرة بن حَبْناء يَمدح قتيبة ويذكر قتلَ نِيزَك ووصول ابن أخي نِيزَك وعثمان - أو شُقْران:

لِمَن الدِّيارُ عَفتْ بسَفِح سَنَامِ ... إلا بقيةَ أيصر وثُمامِ

عَصَفَ الرياحُ ذُيولَهَا فمحَونَها ... وجَرَينَ فوق عِرَاضِهَا بتَمام

دارٌ لجَاريَةٍ كأنَّ رُضابَها ... مسكٌ يُشَابُ مزاجُهُ بِمُدَامِ

أَبلغ أَبا حَفصٍ قتيبَةَ مِدحتِي ... واقرأ عليه تحيَّتِي وسلامِي

يا سيفُ أَبلغها فإنَّ ثنَاءَها ... حسَنٌ وإِنَّك شاهدٌ لمقامي

يسْمو فتَتَّضِعُ الرِّجالُ إذا سما ... لقُتَيْبةَ الحَامِي حِمَى الإِسلام

لأغَرَّ مُنتجبٍ لكلِّ عظيمَةٍ ... نحْرٍ يباح به العدُوُّ لُهامِ

يمضي إذا هاب الجبانُ وأحمشَتْ ... حربٌ تَسَعَّرُ نارُها بضِرَام

تُروَى القَنَاةُ مع اللواءِ أَمامه ... تحتَ اللوامع والنحُورُ دوَامِ

والهامُ تفريهِ السُّيُوفُ كأنَّهُ ... بالقاع حينَ تَرَاهُ قَيْضُ نَعَامِ

وترى الجيادَ مَعَ الجيَادِ ضَوامِرًا ... بفنَائه لِحَوادث الأَيام

وبهنّ أنزَلَ نِيزَكَا من شاهق ... والكرز حَيْثُ يَرُوم كُلّ مرامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>