هل من حاجة؟ فقالت: تخبر أمير المؤمنين بما ألقى من ابن الضّحاك، وما يتعرّض منِّي، قال: وبعثت رسولًا بكتاب إلى يزيد تخبره وتذكر قرابتها ورحمها، وتذكر ما ينال ابنُ الضحاك منها، وما يتوعّدها به.
قال: فقدم ابن هرمز والرّسول معًا. قال: فدخل ابن هرمز على يزيد، فاستخبره عن المدينة، وقال: هل كان من مغرّبة خبر؟ فلم يذكر ابن هُرمز من شأن ابنة الحسين، فقال الحاجب: أصلح الله الأمير! بالباب رسول فاطمة بنت الحسين، فقال ابن هرمز: أصلح الله الأمير! إنّ فاطمة بنت الحسين يوم خرجت حمَّلتني رسالة إليك، فأخبره الخبر.
قال: فنزل من أعلى فراشه، وقال: لا أمّ لك! ألم أسألك هل من مغرّبة خبر، وهذا عندك لا تخبرنيه! قال: فاعتذر بالنسيان، قال: فأذن للرسول فأدخله، فأخذ الكتاب، فاقترأه، قال: وجعل يضرب بخيزران في يديه وهو يقول: لقد اجترأ ابن الضّحاك! هل من رجل يُسمعني صوته في العذاب وأنا على فراشي؟ قيل له: عبد الواحد بن عبد الله بن بشر النَّضْريّ. قال: فدعا بقرطاس، فكتب بيده:
إلى عبد الواحد بن عبد الله بن بشر النَّضْريّ وهو بالطائف: سلام عليك؛ أما بعد فإني قد ولّيتُك المدينة، فإذا جاءك كتابي هذا فاهبط واعزل عنها ابن الضحاك، وأغرِمْه أربعين ألف دينار، وعذّبه حتى أسمع صوتَه وأنا على فراشي.
قال: وأخذ البريد الكتاب، وقدِم به المدينة، ولم يدخل على ابن الضحاك وقد أوجستْ نفس ابن الضحاك، فأرسل إلى البريد، فكشف له عن طرف المفرش، فإذا ألف دينار، فقال: هذه ألف دينار لك ولك العهد والميثاق؛ لئن أنت أخبرتني خبرَ وجهك هذا دفعتُها إليك، فأخبره، فاستنظر البريد ثلاثًا حتى يسير، ففعل، ثم خرج ابنُ الضحاك، فأغذّ السَّيْر حتى نزل على مسلمة بن عبد الملك، فقال: أنا في جوارك، فغدا مسلمة على يزيد فرقّقه وذكر حاجة جاء لها، فقال: كلّ حاجة تكلمت فيها هي في يديك ما لم يكن ابن الضحاك، فقال: هو والله ابن الضّحاك! فقال: والله لا أعفيه أبدًا وقد فعل ما فعل، قال: فردّه إلى المدينة إلى النَّضْريّ.
قال عبد الله بن محمد: فرأيتُه في المدينة عليه جُبّة من صوف لسأل الناس،