للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الماء، فضمّوا خشبًا وَقصبًا وما قدروا عليه، حتى اتَّخذوا رَصَفًا (١)، فعبَروا عليه فلم يشعر خاقان إلَّا بالتكبير، وحمل واصل والشاكريّة على العدوّ فقاتلوهم؛ فقُتِل تحت واصل برذون، وهُزم خاقان وأصحابه.

وخرج عامر بن مالك من الحائط، ومضى إلى الجُنيد وهو في سبعَة آلاف؛ فتلقى الجنيد وأقبل معه، وعلَى مقدّمة الجنيد عُمارة بن حُرَيم، فلما انتهى إلى فرسخين من بِيكَنْد، تلقته خيل الترك فقاتلهم؛ فكاد الجنيد أن يهلك ومن معه، ثم أظهره الله؛ فسار حتى قدم العسكر. وظفر الجنيد، وقتل الترك، وزحف إليه خاقان فالتقوا دون زَرْمان من بلاد سَمَرْقند، وقطَن بن قتيبة على ساقة الجنيد، وواصل في أهل بخارى - وكان ينزلها - فأسر ملك الشاش، وأسرَ الجُنَيد من الترك ابن أخي خاقان في هذه الغزاة؛ فبعث به إلى الخليفة، وكان الجنيد استخلف في غزاته هذه مجشِّر بن مزاحم على مَرْو وولّى سورة بن الحُرّ من بني أبان بن دارم بلْخ، وأوفد لما أصاب في وجهه ذلك عُمارة بن معاوية العدويّ ومحمد بن الجرّاح العبديّ وعبد ربّه بن أبي صالح السُلميّ إلى هشام بن عبد الملك ثم انصرفوا؛ فتوافقوا بالتِّرمذ، فأقاموا بها شهرين.

ثم أتى الجُنيد مَرْو وقد ظفر، فقال خاقان: هذا غلام متْرَف، هَزَمني العامَ وأنا مهلكه في قابل؛ فاستعمل الجنيد عُمّاله، ولم يستعمل إلَّا مُضَريًّا؛ استعمل قَطن بن قتيبة على بُخارى، والوليد بن القعقاع العبسيّ على هَراة، وحبيب بن مرّة العبسيّ على شرَطه، وعلى بلْخ مسلم بن عبد الرحمن الباهليّ. وكان نصر بن سيار على بلْخ؛ والذي بينه وبين الباهليّين متباعد لما كان بينهم بالبَرُوقان، فأرسل مسلم إلى نصر فصادفوه نائمًا، فجاؤوا به في قميص ليس عليه سَراويل، ملبَّبًا، فجعل يضمّ عليه قميصَيْه، فاستحيا مسلم، وقال: شيخ من مُضَر جئتم به على هذه الحال! ثم عزل الجُنيد مسلمًا عن بَلْخ، وولّاها يحيى بن ضُبَيعَة، واستعمل على خراج سَمرقَنْد شداد بن خالد الباهليّ، وكان مع الجنيد السّمْهريّ بن قَعْنب. [٧/ ٦٧ - ٦٩].


(١) الرصف: ما يرصف بعضه إلى بعض في مسيل؛ خشب أو حجارة. القاموس المحيط ص ١٠٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>