للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن هارِب مِنَّا وَمِنْ دَائِنٍ لنا ... أَسير يُقَاسِي مُبْهَمَاتِ الأَدَاهم

فدتْكَ نُفُوسٌ من تميمٍ وعامِرٍ ... ومن مُضَرَ الحَمْرَاءِ عِنْدَ المآزِم

هُمُ أَطْعَمُوا خاقان فينا فأَصبحَتْ ... جلائبهُ ترْجو احْتِوَاءَ المغانِم

قال: وكان السبّل أوصى عند موته ابنَ السائجيّ حين استخلفه بثلاث خصال، فقال: لا تستطل على أهل الخُتّل استطالتي التي كانت عليهم؛ فإني ملِك ولستَ بملِك؛ إنما أنت رجل منهم، فلا يحتملون لك ما يحتلمون للملوك، ولا تدَع أن تطلب الجيش حتى تردّه إلى بلادكم، فإنه الملك بعدي والملوك هم النظّام، والناس ما لم يكن لهم نظام طَغام، ولا تحاربوا العرب واحتالوا لهم كلّ حيلة تدفعونهم بها عن أنفسكم ما قدرتم. فقال له ابن السائجيّ: أما ما ذكرت من تركي الاستطالة على أهل الختَّل فإني قد عرفت ذلك، وأما ما أوصيتَ من ردّ الجيش فقد صدق الملك، وأما قولك: لا تحاربوا العرب، فكيف تنهى عن حربهم، وقد كنتَ أكثر الملوك لهم محاربة! قال: قد أحسنتَ إذ سألتَ عمَّا لا تعلم؛ إني قد جرّبت قوّتكم بقوّتي، فلم أجدكم تقعون مني موقعًا، فكنت إذا حاربتُهم لم أفلِت منم إلَّا جَريضًا، وإنكم إن حاربتموهم هلكتم في أول محاربتكم إياهم.

قال وكان الجيش، قد هرب إلى الصين، وابن السائجي الذي أخبر أسد بن عبد الله بمسير خاقان إليه، فكره محاربة أسد (١). [٧/ ١١٣ - ١٢٨].

وذكر أبو زيد أن أبا بكر بن حفص الزهريّ، قال: أخبرني محمد بن عقيل، عن سعيد بن مرادابند، مولى عمرو بن حُرَيث، قال: رأيتُ خالدًا حين أتِيَ بالمغيرة وبيان في ستّة رهط أو سبعة، أمر بسريره فأخرج إلى المسجد الجامع، وأمر بأطنان (٢) قصب ونِفْط فأحضرا، ثم أمر المغيرة أن يتناول طنًّا فكعّ عنه وتأنّى، فصبّت السياط على رأسه، فتناول طنًّا فاحتضنه، فشُدّ عليه، ثم صُبّ عليه وعلى الطنّ نِفط، ثم ألهبت فيهما النار فاحترقا، ثم أمر الرهط ففعلوا، ثم أمر بيانًا آخرهم فقدِم إلى الطنّ مبادرًا فاحتضنه، فقال خالد: ويلكم! في كل أمر


(١) لم نجد لهذه المعركة وتفاصيلها المذكورة عند الطبري ما يؤيدها من مرويات خليفة بن خياط وغيره من المتقدمين ولقد ذكره الطبري عن المدائني عن أشياخه فالله أعلم.
(٢) أطنان: جمع طن؛ وهو حزمة القصب. القاموس المحيط ص ١٥٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>