قد مضى ذكرُنا قبلُ أمرَ مصير يحيى بن زيد بن عليّ إلى خراسان، وسبب ذلك؛ ونذكر الآن سبَب مقتله؛ إذ كان ذلك في هذه السنة.
ذكر هشام بن محمد الكلبيّ عن أبي مخنف، قال: أقام يحيى بن زيد بن عليّ عند الحَريش بن عمرو بن داود ببَلْخ حتى هلك هشام بن عبد الملك، وولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فكتب يوسف بن عمر إلى نَصْر بن سيّار بمسير يحيى بن زيد وبمنزله الذي كان ينزل؛ حتى أخبره أنه عند الحَريش، وقال له: ابعث إليه وخُذْه أشدّ الأخذ. فبعث نصر بن سيَّار إلى عَقِيل بن معقِل العجليّ، يأمره أن يأخذ الحرِيش ولا يفارقه حتى تزهق نفسه أو يأتيه بيحيى بن زيد بن عليّ. فبعث إليه عقيل، فسأله عنه، فقال: لا عِلْمَ لي به، فجلده ستمئة سَوْط، فقال له الحَرِيش: والله لو أنه كان تحت قدميّ ما رفعتُهما لك عنه؛ فلما رأي ذلك قُرَيش بن الحَريش أتي عَقِيلًا، فقال: لا تقتل أبي وأنا أدلك عليه، فأرسل معه فدلّه عليه، وهو في بيت في جوف بيت، فأخذه ومعه يزيد بن عمر والفضل مولي عبد القيس - كان أقبل معه من الكوفة - فأتي به نصر بن سيَّار فحبسه، - وكتب إلى يوسف بن عمر يخبره بذلك؛ فكتب بذلك يوسف إلى الوليد بن يزيد، فكتب الوليد إلى نصر بن سيَّار، يأمره أن يؤمنَه، ويخلّي سبيله وسبيل أصحابه، فدعاه نصر بن سيَّار، فأمره بتقوي الله، وحذَّره الفتنة، وأمره أن يلحق بالوليد بن يزيد، وأمر له بألفي درهم وبغلين، فخرج هو وأصحابه حتى انتهى إلى سَرَخْس، فأقام بها وعليها عبد الله بن قيس بن عُبّاد، فكتب إليه نصر بن سيّار أن يشخصه عنها، وكتب إلى الحسن بن زيد التميميّ - وكان رأس بني تميم، وكان على طُوس - أن انظر يحيى بن زيد، فإذا مرّ بكم فلا تَدَعه يقيم بطوس حتى يخرج منها، وأمرهما إذا هو مرّ بهما ألّا يُفارقاه حتى يدفعاه إلى عمرو بن زرارة بأبْرَشهر. فأشخصه عبد الله بن قيس من سَرْخس، ومرّ بالحسن بن زيد فأمره أن يمضي، ووكّل به سرحان بن فرُّوخ بن مجاهد بن بلعاء العنبريّ أبا الفضل، وكان على مَسْلحة.
قال: فدخلت عليهُ، فذكر نصرَ بن سيّار، وما أعطاه؛ فإذا هو كالمستقلّ له؛ فذكر أمير المؤمنين الوليد بن يزيد، فأثني عليه، وذكر مجيئه بأصحابه معه،