للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بك في حَبْسك سوءًا، ولكن خفتُ أن تفسِدَ أمر الناس، فائْتني، فقال الكِرماني: لولا أنك في منزلي لقتلتُك، ولولا ما أعرف من حُمقك أحسنتُ أدَبك، فارجع إلى ابن الأقطع فأبلغه ما شئت من خَير وشرّ، فرجع إلى نصر فأخبره، فقال: عُد إليه، فقال: لا والله، وما بي هيبة له ولكني أكره أن يُسمِعَني فيك ما أكره، فبعث إليه عصمة بن عبد الله الأسديّ، فقال: يا أبا عليّ، إني أخاف عليك عاقبَة ما ابتدأتَ به في دينك ودنياك، ونحن نعرض عليك خِصالًا؛ فانطلق إلى أميرك يعرضها عليك، وما نريد بذلك إلا الإنذار إليك. فقال الكِرمانيّ: إني أعلم أن نصرًا لم يقل هذا لك ولكن أردت أن يبلغه فتحظى، والله لا أكلمك كلمة بعد انقضاء كلامي حتى ترجع إلى منزلك، فيرسل مَن أحب غَيرك. فرجع عصمة، وقال: ما رأيت عِلْجًا أعدى لطورِه من الكِرمانيّ، وما أعجبُ منه؛ ولكن من يحيى بن حُصين لَعنهم الله [والله لهم، أشدّ تعظيمًا له من أصحابه، قال سَلْم بن أحوز: إني أخاف فساد هذا الثغر والناس، فأرسل إليه قُدَيدًا، وقال: نصر لقُديد بن مَنيع: انطلق إليه، فأتاه فقال له: يا أبا عليّ، لقد لججتَ وأخاف أن يتفاقم الأمر فنهلك جميعًا، وتشمَت بنا هذه الأعاجم، فقال: يا قُديد؛ إني لا أتهمك؛ وقد جاء ما لا أثق بنصر معه، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البكريّ أخوك ولا تثق به"؛ قال: أما إذْ وقع هذا في نفسك فأعطه رهْنًا، قال: من؟ قال: أعطه عليًّا وعثمان، قال: فمن يعطيني؟ ولا خير فيه، قال: يا أبا عليّ، أنشدك الله أن يكون خراب هذه البلدة على يديك، ورجع إلى نصر، فقال لعَقيل بن معقل الليثيّ: ما أخوفَني أن يقع بها الثَّغر بلاء، فكلم ابن عمك، فقال عَقيل لنصر: أيها الأمير؛ أنشدك الله أن تشأم عشيرتك، إن مَرْوان بالشام تقاتله الخوارج، والناس في فتنة والأزْد سفهاء وهم جيرانك. قال: فما أصنع؟ إن علمتَ أمرًا يُصلِح الناس فدونك، فقد عزم أنه لا يثق بي، قال: فأتى عَقيل الكِرمانيّ، فقال: أبا عليّ، قد سننت سنة تُطلَبُ بعدك من الأمراء، إني أرى أمرًا أخاف أن تَذهب فيه العقول، قال الكِرمانيّ: إنّ نصرًا يريد أن آتيَه ولا آمنه، ونريد أن يعتزل ونعتزل، ونختار رجلًا من بَكْر بن وائل، نرضاه جميعًا، فيلي أمرنا جميعًا حتى يأتيَ أمرٌ من الخليفة؛ وهو يأبَى هذا، قال: يا أبا عليّ، إني أخاف أن يهلِك أهلُ هذا الثغر، فائْتِ أميرك وقل ما شئت تُجَبْ إليه، ولا تُطمِع سفهاء قومك فيما دخلوا فيه، فقال الكرمانيّ: إني لا أتهمك في نصيحة

<<  <  ج: ص:  >  >>