للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلام يحمل قمحًا يريد به عَمَّته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه في الشِّعب، فتعلّق به، وقال: أتذهب بالطّعام إلى بني هاشم! والله لا تبرحُ أنت وطعامك حتى أفضحك بمكّة! فجاء أبو البختريّ بن هشام بن الحارث بن أسد، فقال: ما لك وله! قال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختريّ: طعامٌ لعمَّته عنده بَعَثتْ إليه فيه، أفتمنعه أن يأتيَها بطعامها! خلِّ سبيلَ الرّجل. فأبى أبو جهل حتى نال أحدُهما من صاحبه، فأخذ أبو البَخْتريّ لَحْيَ بعير، فضربه فشجّه، ووطئه وطئًا شديدًا، وحمزة بن عبد المطلب قريبٌ يرى ذلك، وهم يكرهون أن يبلُغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فيشمَتوا بهمْ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كلّ ذلك يدعو قومَه سرًّا وجهرًا، آناء الليل وآناء النهار؛ والوحي عليه من الله متتابعٌ بأمره ونهيه، ووعيد مَنْ ناصبه العداوة، والحجج لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَنْ خالفه (١). (٢: ٣٣٥/ ٣٣٦ / ٣٣٧).


(١) لقد أورد أصحاب المغازي والسير تفاصيل كثيرة عن حصار المشركين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في شعب أبي طالب. كبعض التفاصيل التي ذكرها الطبري هنا بلا إسناد ولكن أصل التحالف ضد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ثابتة في السنة وسنذكر طرفًا منها:
١ - أخرج البخاري في صحيحه كتاب الحج -باب نزول النبي مكة (ح ١٥٨٩). وفي مناقب الأنصار باب تقاسم المشركين على النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ح ٣٨٨٢).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى: (نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر). وذلك أن قريشًا وبني كنانة تحالفت علي بني هاشم وبني المطلب أن لا ينكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يعني بذلك المحصب. وأخرجه البخاري أيضًا من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما في كتاب الفرائض (ح ٦٧٦٤) وأخرجه مسلم في كتاب الفرائض (ح ١٦١٤) وغيرهما.
وبوّب له البخاري في كتاب مناقب الأنصار فقال: باب تقاسم المشركين على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال ابن حجر في شرحه للباب: ولما لم يثبت عند البخاري شيء من هذه القصة اكتفى بإيراد حديث أبي هريرة لأن فيه دلالة على أصل القصة لأن الذي أورده أهل المغازي في ذلك كالشرح لقوله في الحديث: (تقاسموا على الكفر) الفتح (٧/ ١٩٣).
وقال الحافظ ابن حجر: وقيل: كان ابتداء حصارهم في المحرم سنة سبع من المبعث.
قال ابن إسحاق: فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثًا، وجزم موسى بن عقبة بأنها كانت ثلاث سنين حتى جهدوا ولم يكن يأتيهم شيء من الأقوات إلّا خفية حتى كانوا يؤذون من اطلعوا على أنه أرسل إلى بعض أقاربه شيئًا من الصلات إلى أن قام في نقض الصحيفة نفر من =

<<  <  ج: ص:  >  >>