الراونديّة من أهل الطالقان مع رجل يكنى أبا إسحاق، فقتلوا نصرًا، فلما بلغ ذلك أبا داود بعث عيسى بن ماهان في تتبّع قتلة نصر، فتتبعهم فقتلهم، فمضى أبو مسلم مسرعًا؛ حتى انتهى إلى آمُل، ومعه سباع بن أبي النعمان الأزديّ، وهو الذي كان قدم بعهد زياد بن صالح من قِبَل أبي العباس، وأمره إن رأى فرصة أن يَثِبَ على أبي مسلم فيقتلَه، فأخبِر أبو سسلم بذلك، فدفع سباع بن النعمان إلى الحسن بن الجُنيد عامله على آمُل، وأمره بحبسه عنده، وعبَر أبو مسلم إلى بخَارى، فلما نزلها أتاه أبو شاكر وأبو سعد الشرويّ في قُوّاد قد خلعوا زيادًا، فسألهم أبو مسلم عن أمر زياد ومَنْ أفسده، قالوا: سباع بن النعمان، فكتب إلى عامله على آمُل أن يضرب سباعًا مئة سوط، ثم يضرب عنقه، ففعل.
ولما أسلم زيادًا قوّادُهُ ولحقوا بأبي مسلم لجأ إلى دِهقان بارْكَث، فوثب عليه الدهقان، فضرب عنقه وجاء برأسه إلى أبي مسلم، فأبطأ أبو داود على أبي مسلم لحال الراوندية الذين كانوا خرجوا، فكتب إليه أبو مسلم: أما بعد فليفرخ رَوْعك، ويأسن سِربك، فقد قتك الله زيادًا، فاقْدَم، فقدم أبو داود، كسّ، وبعث عيسى بن ماهان إلى بسام، وبعث ابن النجاح إلى الإصبهبذ إلى شاوَغَر، فحاصر الحصن فأما أهل شاوغر فسألوا الصلح، فأجيبوا إلى ذلك.
وأما بسام فلم يصل عيسى بن ماهان إلى شيء منه؛ حتى ظهر أبو مسلم بستة عشر كتابًا وجدها من عيسى بن ماهان إلى كامل بن مظفّر صاحب أبي مسلم، يعيب فيها أبا داود، وينسبه فيها إلى العصبيّة وإيثاره العرب وقومَه على غيرهم من أهل هذه الدعوة، وأن في عسكره ستة وثلاثين سُرادقًا للمستأمنة، فبعث بها أبو مسلم إلى أبي داود، وكتب إليه: إنَ هذه كتب العِلْج الذي صَيَّرته عِدْل نفسك، فشأنَك به، فكتب أبو داود إلى عيسى بن ماهان يأمره بالانصراف إليه عن بسّام، فلما قدم عليه حبسه ودفعه إلى عمر النغم؛ وكان في يده محبوسًا، ثم دعا به بعد يومين أو ثلاثة فذكّره صنيعتَه به وإيثاره إياه على ولده، فأقرّ بذلك، فقال أبو داود: فكان جزاء ما صنعتُ بك أن سعيتَ بي وأردتَ قتلي، فأنكر ذلك، فأخرج كتبه فعرفها، فضربه أبو داود يومئذ حدّين: أحدهما للحسن بن حمدان، ثم قال أبو داود: أمّا إني قد تركت ذنبَك لك؛ ولكن الجند أعلم، فأخرج في القيود، فلما أخرج من السرّادق وثب عليه حرب بن زياد وحفص بن