لأبي - فقال لي يومًا: يا زُبير، إن رياحًا لما دخل دار مروان قال لي: هذه دار مرْوان؟ أما والله لِمحْلال مظْعان؛ فلما تكشف الناس عنه - وعبد الله محبوس في قبة الدار التي على الطريق إلى المقصورة، حبَسه فيها زياد بن عبيد الله - قال لي: يا أبا البَختريّ، خذ بيدي ندخل على هذا الشيخ، فأقبل متّكئًا عليّ حتى وقف على عبد الله بن حسن، فقال: أيّها الشيخ، إن أمير المؤمنين والله ما استعملني لرحم قريبة، ولا يدٍ سلفت إليه؛ والله لا لعبتَ بي كما لعبت بزياد وابن القسريّ، والله لأزهقن نفسك أو لتأتيني بابنيْك محمد وإبراهيم! قال: فرفع رأسه إليه وقال: نعم، أما والله إنك لأزيْرق قيس المذبوح فيها كما تذبح الشاة، قال أبو البَختريّ: فانصرف رياح والله آخذًا بيدي، أجد برد يده، وإن رجليه لتخطّان مما كلّمه، قال: قلت: والله إنّ هذا ما اطَّلع على الغيب قال: إيهًا ويلك! فوالله ما قال إلا ما سمع؛ قال: فذُبح والله فيها ذبح الشاة.
قال: وحدّثني محمد بن يحيى، قال: حدّثنا الحارث بن إسحاق، قال: قدم رياح المدينة، فدعا بالقسريّ، فسأله عن الأموال، فقال: هذا كاتبي هو أعلم بذلك مني، قال: أسألك وتحيلني على كاتبك! فأمر به فُوجِئَت عنقه، وقنِّع أسواطًا، ثم أخذ رزامًا كاتب محمد بن خالد القسريّ ومولاه فبسط عليه العذاب، وكان يضربه في كلّ غبّ خمسة عشر سوطًا، مغلولة يده إلى عنقه من بُكرة إلى الليل؛ يتجع به أفناء المسجد والرّحبة، ودسّ إليه في الرفع على ابن خالد، فلم يجد عنده في ذلك مساغًا، فأخرجه عمر بن عبد الله الجذاميّ - وكان خليفة صاحب الشُّرَط يومًا من إلأيام - وهو يريد ضربه، وما بين قدميه إلى قرنه قرحة، فقال له: هذا يوم غبّك، فأين تحبّ أن نجلدك؟ قال: والله ما في بدني موضع لضرب؛ فإن شئتَ فبطون كفى، فأخرج كفيّه فضرب في بطونهما خمسة عشر سوطًا، قال: فجعلت رسل رياح تختلف إليه، تأمره أن يرفع على ابن خالد، ويخفَى سبيله، فأرسل إليه: مرْ بالكفّ عني، حتى أكتب كتابًا، فأمر بالكفّ عنه، ثم ألحّ عليه وبعث إليه: أن رُحْ بالكتاب العشيّة على رؤوس الناس، فادفعه إليّ، فلما كان العشيّ أرسل إليه فأتاه وعنده جماعة فقال: أيها الناس؛ إن الأمير أمرني أن أكتب كتابًا، وأرفع على ابن خالد؛ وقد