لما فصَل من بغداد، متوجّهًا نحو الكوفة، وقد جاءه البريد بمخرَج محمد بن عبد الله بالمدينة، نظر إليه عثمان بن عُمارة بن حريم وإسحاق بن مسلم العقيليّ وعبد الله بن الربيع المدانيّ - وكانوا من صحابته - وهو يسير على دابّته وبنو أبيه حوله، فقال عثمان: أظنّ محمدًا خائبًا ومن معه من أهل بيته؛ إن حَشو ثياب هذا العباسيّ لمكرٌ ونُكر ودهاء؛ وإنه فيما نصب له محمد من الحرب لكما قال ابن جِذْل الطِّعان:
فَكَمْ من غارة ورَعيل خَيْلٍ ... تداركها وقد حَمِيَ اللِّقاءُ
فردّ مخيلَها حَتّى ثناها ... بأَسْمَر ما يُرَى فِيهِ التواءُ
قال: فقال إسحاق بن مسلم: قد والله سبرتُه ولمست عودَه فوجدته خشِنًا، وغمزته فوجدته صليبًا، وذقته فوجدته مُرًّا؛ وأنه ومَنْ حوله من بني أبيه لكما قال ربيعة بن مُكدّم:
قال: فمضى حتى سار إلى قصر ابن هُبيرة، فنزل الكوفة ووجّهَ الجيوش، فلما انقضت الحرب، رجع إلى بغداد فاستتمّ بناءها. [٧/ ٦١٨ - ٦٢٢].
قال عمر: حدثني أبو نعيم الفضل بن دُكين، قال: حدّثني مطهر بن الحارث، قال: أقبلنا مع إبراهيم من مكة نريد البصرة؛ ونحن عشرة، فصحبَنا أعرابيّ في بعض الطريق، فقلنا له: ما اسمك؟ قال: فلان بن أبي مصاد الكلبيّ، فلم يفارقنا حتى قربنا من البصرة؛ فأقبل عليّ يومًا، فقال: أليس هذا إبراهيم بن عبد الله بن حسن؟ فقلت: لا، هذا رجل من أهل الشأم؛ فلما كنّا على ليلة من البصرة، تقدّم إبراهيم وتخلّفنا عنه، ثم دخلنا من غدٍ.
قال عمر: وحدّثني أبو صفوان نصر بن قُديد بن نصر بن سيار؛ قال: كان مقدم إبراهيم البصرة في أول سنة ثلاث وأربعين ومئة، منصرَف الناس من