حدّثني مسلم الخصيّ مولى محمد بن سليمان، قال: كان أمْرُ إبراهيم وأنا ابن بضع عشرة سنة؛ وأنا يومئذ لأبي جعفر، فأنزلنا الهاشميّة بالكوفة ونزل هو بالرّصافة في ظهر الكوفة؛ وكان جميع جنده الذين في عسكره نحوًا من ألف وخمسمئة؛ وكان المسيّب بن زهير على حَرَسه، فجزّأ الجند ثلاثة أجزاء: خمسمئة، خمسمئة، فكان يطوف الكوفة كلَّها في كلّ ليلة وأمر مناديًا فنادى: مَنْ أخذناه بعد عَتَمَة فقد أحلّ بنفسه؛ فكان إذا أخذ رجلًا بعد عَتَمة لفّه في عباءة وحمله، فبيَّته عنده، فإذا أصبح سأل عنه، فإن علم براءته أطلقه، وإلا حبسه. [٧/ ٦٢٢ - ٦٣١].
وحدّثني جوّاد بن غالب، قال: حدثني العباس بن سَلْم مولَى قحْطبة، قال: كان أمير المؤمنين أبو جعفر إذا اتّهم أحدًا من أهل الكوفة بالميْل إلى إبراهيم أمر أبي سلمًا بطلبه؛ فكان يمهل حتى إذا غَسق الليل، وهدأ الناس، نصب سلّمًا على منزل الرجل فطرقه في بيته حتى يخرجه فيقتله؛ ويأخذ خاتمه، قال أبو سهل جوّاد: فسمعت جميلًا مولى محمد بن أبي العباس يقول للعباس بن سلم: والله لو لم يورّثك أبوك إلا خواتيم مَن قُتِل من أهل الكوفة كنت أيسرَ الأبناء.
حدّثني سهل بن عَقيل، قال: حدثني سلم بن فَرقدْ حاجب سليمان بن مجالد، قال: كان لي بالكوفة صديق، فأتاني - فقال: أيا هذا، اعلم أن أهل الكوفة معدّون للوثوب بصاحبكم، فإن قدرت على أن تبوّئ أهلك مكانًا حريزًا فافعل، قال: فأتيتُ سليمان بن مجالد، فأخبرته الخبر؛ فأخبر أبا جعفر - ولأبي جعفر عين من أهل الكوفة من الصّيارفة يدعى ابن مقرّن - قال: فأرسل إليه، فقال: ويحك! قد تحرّك أهل الكوفة، فقال: لا والله يا أمير المؤمنين، أنا عذيرك منهم، قال: فركن إلى قوله، وأضرب عنهم.
وحدثني يحيى بن ميمون من أهل القادسيّة، قال: سمعت عدّة من أهل القادسية يذكرون أن رجلًا من أهل خراسان، يكنى أبا الفضل ويسمّى فلان ابن معقل، وُلِّيَ القادسية ليمنع أهل الكوفة إتيان إبراهيم؛ وكان الناس قد رصدوا في طريق البصرة، فكانوا يأتون القادسيَة ثم العُذَيْب، ثم واديَ السباع، ثم يعدلون ذات اليَسار في البر، حتى يقدموا البصرة، قال: فخرج نفرٌ من الكوفة اثنا عشر رجلًا؛ حتى إذا كانوا بوادي السباع لقيَهم رجل من موالي بني أسد، يسمَّى بكرًا،