للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول بعضهم: إنّ مقامه بقُباء كان بضعة عشر يومًا (١). (٢: ٣٨٣).


(١) تحدث الطبري هنا عن مدة بقائه في بني عمرو بن عوف بقباء فذكر قولًا في ذلك وهو تعيين المدة بثلاثة أيام ثم خرج من عندهم في اليوم الرابع، والقول الآخر والذي نسبه إلى بني عمرو بن عوف أنه مكث فيهم أكثر وذلك قولًا آخر يحدد مدة بقائه عليه الصلاة والسلام فيهم بضعة عشر يومًا. وقد ذكر الطبري ذلك بلا إسناد، وقد ذكر ابن إسحاق ذلك بلا إسناد أيضًا (السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ١٥٩) دون ذكر الرأي الثالث. ولقد جمع الحافظ ابن حجر أقوال أئمة المغازي والسير في تحديد تلك الأيام في شرحه لحديث عروة المرسل (الفتح ٧/ ٢٤٤) وقال رحمه الله: وبه جزم ابن حبان فإنه قال: (أقام بها الثلاثاء والأربعاء والخميس) يعني وخرج الجمعة؛ فكأنه لم يعتد بيوم الخروج، وكذا قال موسى بن عقبة: إنه أقام فيهم ثلاث ليالٍ فكأنه لم يعتد بيوم الخروج ولا الدخول، وعن قوم من بني عمرو بن عوف أنه أقام فيهم اثنين وعشرين حكاه الزبير بن بكار، وفي مرسل عروة بن الزبير ما يقرب منه كما يذكر عقب هذا ... ثم عقب الحافظ على قول عروة بن الزبير في الحديث نفسه (أي ٣٩٠٦ كتاب مناقب الأنصار) فقال رحمه الله:
في حديث أنس الآتي في الباب الذي يليه أنه أقام فيهم أربع عشرة ليلة، وقد ذكرت قبله ما يخالفه والله أعلم. ثم أردف -ابن حجر قائلًا: قال- موسى بن عقبة عن ابن شهاب (أقام فيهم ثلاثًا). قال: وروى ابن شهاب عن مجمع بن حارثة (أنه أقام اثنتين وعشرين ليلة) وقال ابن إسحاق: أقام فيهم خمسًا وبنو عمرو بن عوف يزعمون أكثر من ذلك.
قلت (والكلام للحافظ): ليس أنس من بني عمرو بن عوف، فإنهم من الأوس وأنس من الخزرج وقد جزم بما ذكرته فهو أولى بالقبول من غيره اهـ. (الفتح ٧/ ٢٤٤).
وقد أخرج الذهبي من طريق عطاء بن عثمان الخراساني عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس حديثًا وفيه: (فنزل عليه في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال). (تأريخ الإسلام / السيرة النبوية / ٣٣٤).
قلنا: وإسناده ضعيف فهو من طريق عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه أحاديث منكرة (الضعفاء / ت ١٥٥) وقال مسلم والدارقطني: ضعيف الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة (تهذيب الكمال ١٩/ ٤٤٤ / ت ٤٤٤٦).
قلنا: وحديث أنس الذي أشار إليه الحافظ في تعيين مدة بقائه - صلى الله عليه وسلم - أقوى سندًا وأصح من غيره، فقد أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب مناقب الأنصار / ح ٣٩٣٢) وفيه: (لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة نزل في علو المدينة، وفي حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف، قال: فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ... الحديث). قلنا: فهذا نص صحيح صريح في تحديد تلك المدة ... وهذا هو الراجح والله أعلم.
قال أبو جعفر: واختلف السلف من أهل العلم في مدة مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما استنبيء، فقال بعضهم: كانت مدة مقامه بها إلى أن هاجر إلى المدينة عشر سنين، وذكر من قال ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>