في حديث أنس الآتي في الباب الذي يليه أنه أقام فيهم أربع عشرة ليلة، وقد ذكرت قبله ما يخالفه والله أعلم. ثم أردف -ابن حجر قائلًا: قال- موسى بن عقبة عن ابن شهاب (أقام فيهم ثلاثًا). قال: وروى ابن شهاب عن مجمع بن حارثة (أنه أقام اثنتين وعشرين ليلة) وقال ابن إسحاق: أقام فيهم خمسًا وبنو عمرو بن عوف يزعمون أكثر من ذلك. قلت (والكلام للحافظ): ليس أنس من بني عمرو بن عوف، فإنهم من الأوس وأنس من الخزرج وقد جزم بما ذكرته فهو أولى بالقبول من غيره اهـ. (الفتح ٧/ ٢٤٤). وقد أخرج الذهبي من طريق عطاء بن عثمان الخراساني عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس حديثًا وفيه: (فنزل عليه في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال). (تأريخ الإسلام / السيرة النبوية / ٣٣٤). قلنا: وإسناده ضعيف فهو من طريق عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه أحاديث منكرة (الضعفاء / ت ١٥٥) وقال مسلم والدارقطني: ضعيف الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة (تهذيب الكمال ١٩/ ٤٤٤ / ت ٤٤٤٦). قلنا: وحديث أنس الذي أشار إليه الحافظ في تعيين مدة بقائه - صلى الله عليه وسلم - أقوى سندًا وأصح من غيره، فقد أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب مناقب الأنصار / ح ٣٩٣٢) وفيه: (لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة نزل في علو المدينة، وفي حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف، قال: فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ... الحديث). قلنا: فهذا نص صحيح صريح في تحديد تلك المدة ... وهذا هو الراجح والله أعلم. قال أبو جعفر: واختلف السلف من أهل العلم في مدة مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما استنبيء، فقال بعضهم: كانت مدة مقامه بها إلى أن هاجر إلى المدينة عشر سنين، وذكر من قال ذلك.