موطن يُنْقِعون له ولمن معه من أهل العراق من الطعن والضرب ما يَرْدَعُونهم به ويَكفّونهم عنهم.
ثمّ إنّ رجلًا منهم كان عاملًا لقَطريّ على ناحية من كِرمان خرج في سَريّة لهم يُدعىَ المُقَعْطَرَ من بني ضَبَّة، فقَتَل رجلًا قد كان ذا بأس من الخوارج، ودخل منهم في ولاية، فقتله المُقَعْطرُ، فوثَبت الخوارج إلى قَطَريّ، فذكروا له ذلك، وقالوا: أمْكِنّا من الضّبيّ نقتله بصاحبنا، فقال لهم: ما أرى أن أفعل؛ رجلٌ تأوّل فأخطأ في التأويلِ ما أرى أن تقتلوه، وهو من ذوِي الفضل منكم، والسابقة فيكم، قالوا: بلى؛ قال لهم: لا، فوقع الاختلاف بينهم، فولَّوا عبدَ ربّه الكبير، وخلعوا قَطَريًّا، وبايع قطريًّا منهم عصابةٌ نحوًا من ربعهم أو خمسهم، فقاتلهم نحوًا من شهر غُدوةً وعشية.
فكتب بذلك المهلّبُ إلى الحجَّاج:
أما بعد: فإن الله قد ألقى بأسَ الخوارج بينهم، فخلع عظمُهم قطريًّا وبايعوا عبد ربِّه، وبقيت عصابة منهم مع قطريّ، فهم يقاتل بعضهم بعضًا غُدُوًّا وعشيًّا، وقد رجوتُ أن يكون ذلك من أمرهم سبب هلاكهم إن شاء الله؛ والسلام.
فكتب إليه:
أما بعد: فقد بلغني كتابُك تَذكر فيه اختلافَ الخوارج بينها، فإذا أتاك كتابي هذا فناهِضْهم على حال اختلافهم وافتراقهم قبل أن يجتمعوا، فتكون مؤونتهم عليك أشدّ والسلام.
فكتب إليه:
أما بعد: فقد بلغني كتابُ الأمير، وكلّ ما فيه قد فهمتُ، ولستُ أرى أن أقاتلهم ما داموا تقتلُ بعضُهم بعضًا، وينقص بعضُهم عَدَد بعض، فإن تموا على ذلك فهو الذي نريد وفيه هلاكهُم، وإن اجتَمعوا لم يجتمعوا إلا وقد رقَّق بعضُهم بعضًا، فأناهِضُهم على تفِيئة ذلك، وهم أهوَن ما كانوا وأضعَفُه شوكةً، إن شاء الله والسلام.
فكفّ عنه الحجّاج، وتركهم المهلب يقتتلون شهرًا لا يحرِّكهم.
ثمّ إنّ قَطَريًّا خرج بمن اتبعه نحو طَبرستانَ، وبايع عامّتهم عبد رَبِّه الكبير،