بشيء حتَّى يقوما، فأقامهما وأخلاه، فأخبره خبرَ الحسن بن إبراهيم وما أجمع عليه، وأنّ ذلك كائن من ليلته المستقبلة، فوجّه المهديّ مَن يثق به ليأتيَه بخبره، فأتاه بتحقيق ما أخبره به يعقوب، فأمر بتحويله إلى نُصَير، فلم يزل في حبسه إلى أن احتال واحتيل له، فخرج هاربًا، وافتُقِد، فشاع خبره، فطلب فلم يُظْفَر به، وتذكّر المهديّ دلالة يعقوب إيّاه كانت عليه، فرجًا عنده من الدلالة عليه مثل الّذي كان منه في أمره، فسأل أبا عبيد الله عنه فأخبره أنَّه حاضر - وقد كان لزم أبا عبيد الله - فدعا به المهديّ خاليًا، فذكر له ما كان من فعله في الحسن بن إبراهيم أوّلًا، ونصحه له فيه، وأخبره بما حدث من أمره، فأخبره يعقوب أنَّه لا علم له بمكانه، وأنَّه إن أعطاه أمانًا يثق به ضمِن له أن يأتيَه به، على أنَّ يتمّ له على أمانه، ويصله ويُحسن إليه. فأعطاه المهديّ ذلك في مجلسه وضمنه له. فقال له يعقوب: فالهُ يا أمير المؤمنين عن ذكره، ودَعْ طلبه، فإن ذلك يُوحشه، ودعني وإياه حتَّى أحتال فآتيَك به؛ فأعطاه المهديّ ذلك. وقال يعقوب: يا أمير المؤمنين، قد بسطتَ عدلَك لرعيّتك، وأنصفتهم، وعممتَهم بخيرك وفضلك، فعظم رجاؤهم، وانفسحت آمالهم؛ وقد بقيت أشياء لو ذكرتُها لك لم تَدَع النظر فيها بمثل ما فعلت في غيرها، وأشياء مع ذلك خلف بابك يُعمل بها لا تعملها، فإن جعلت لي السبيلَ إلى الدخول عليك، وأذنتَ لي في رفعها إليك فعلتُ. فأعطاه المهديّ ذلك، وجعله إليه، وصَيّر سُليْمًا الخادم الأسود خادم المنصور سببه في إعلام المهديّ بمكانه كلّما أراد الدخول، فكان يعقوب يدخل على المهديّ ليلًا، ويرفع إليه النصائح في الأمور الحسنة الجميلة من أمر الثغور وبناء الحصون وتقوية الغُزاة وتزويج العزَّاب، وفكَاك الأسارى والمحبَّسين والقضاء على الغارمين، والصّدَقة على المتعفِّفين، فحظي بذلك عنده، وبما رجا أن يناله به من الظَّفَر بالحسن بن إبراهيم، واتّخذه أخًا في الله، وأخرج بذلك توقيعًا، وأثبِت في الدواوين، فتسبّب مائة ألف درهم كانت أوّل صلة وصلَه بها، فلم تنزل منزلته تنمِي وتعلُو صُعُدًا، إلى أن صيّر الحسن بن إبراهيم في يد المهديّ بعد ذلك؛ وإلى أن سقطت منزلتُه، وأمر المهديّ بحبسه، فقال عليّ بن الخليل في ذلك: