يميل إلى أن يخالف السلطان فليس يؤتى أبو عبيد الله من ذلك؛ إلّا أنَّه يميل إلى القَدَر بعضَ الميْل؛ وليس يتسلّق عليه بذاك أن يقال: هو متّهم؛ ولكن هذا كله مجتمع لك في ابنه؛ قال: فتناوله الرّبيع، فقبَّل بين عينيه، ثم دبّ لابن أبي عبيد الله؛ فولله ما زال يحتال ويدسّ إلى المهديّ ويتهمه ببعض حُرمِ المهديّ، حتَّى استحكم عند المهديّ الظنَّة بمحمد بن أبي عبيد الله، فأمر فأحضر، وأخرج أبو عبيد الله. فقال: يا محمَّد اقرأ، فذهب ليقرأ، فاستعجم عليه القرآن، فقال: يا معاوية ألم تعلمني أنّ ابنك جامع للقرآن؟ قال: أخبرتك يا أميرَ المؤمنين، ولكن فارقني منذ سنين؛ وفي هذه المدّة التي نأى فيها عني نسيَ القرآن، قال: قم فتقرب إلى الله في دمه، فذهب ليقوم فوقع، فقال العبّاس بن محمَّد: إن رأيت يا أميرَ المؤمنين أن تعفي الشَّيخ! قال: ففعل، وأمر به فأخرِج، فضربت عنقه.
قال: فاتهمه المهديّ في نفسه، فقال له الرَّبيع: قتلت ابنَه، وليس ينبغي أن يكون معك، ولا أن تثق به. فأوحشَ المهديّ؛ وكان الذي كان من أمره وبلغ الرَّبيع ما أرادَ، واشتفى وزاد.
وذكر محمَّد بن عبد الله يعقوبَ بن داود، قال: أخبرَني أبي، قال: ضرب المهديّ رجلًا من الأشعريّين، فأوجعه، فتعصّب أبو عبيد الله - وكان مولىً لهم - فقال: القتل أحسنُ من هذا يا أمير المؤمنين، فقال له المهديّ: يا يهوديّ، أخرج من عسكري لعنك الله. قال: ما أدري إلى أين أخرج إلّا إلى النَّار! قال: قلت: يا أمير المؤمنين، أحْرِ بهذا أن لمثلها يتوقع، قال: فقال لي: سبحان الله يا أبا عبيد الله! .
* * *
وفيها غزا الغمر بن العبّاس في البحر.
وفيها ولّى نَصر بن محمَّد بن الأشعث السّند مكان رَوْح بن حاتم، وشخص إليها حتَّى قدمها ثم عُزل، ووُلّيَ مَكانه محمَّد بن سليمان، فوجّه إليها عبد الملك بن شهاب المِسمعيّ فقدمها على نصر، فبغَته، ثم أذن له في الشخوص، فشخص حتى نزل الساحل على ستّة فراسخ من المنصورة؛ فأتي