٩٦ - حدَّثنا ابنُ وكيع، قال: حدَّثنا الثقفيُّ -يعني عبد الوهاب- عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال وهو في قبتّه يومَ بدر: اللهمّ إني أسألُك عهدك ووعدك؛ اللهمّ إن شئت لم تُعْبَدْ بَعْدَ اليوم!
قال: فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبُك يا نبيّ الله، فقد ألححت على ربّك - وهو في الدّرع - فخرج وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} (١). (٢: ٤٤٧/ ٤٤٨).
* * *
رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق. قال: وقد خَفَق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خفقةً وهو في العريش؛ ثم انتبه، فقال: يا أبا بكر، أتاك نصرُ الله، هذا جبريل آخذ بِعنان فرسه يقوده، على ثناياه النَّقع. قال: وقد رُمِيَ مِهْجَعٌ مولى عمر بن الخطاب بسهم فقُتل؛ فكان أوّلَ قتيل من المسلمين، ثم رُمِيَ حارثة بن سُراقة، أحد بني عديّ بن النجار وهو يشرب من الحوْض فقتِل. ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحرَّضهم، ونفّل كلّ امرئ منهم ما أصاب، وقال: والَّذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتَلَ صابرًا محتسِبًا مُقْبِلًا غير مُدْبِر؛ إلّا أدخله الله الجنة. فقال عمَيرُ بن الحُمَام، أخو بني سَلمة، وفي يده تَمَراتٌ يأكُلهنّ: بَخْ بَخْ، فما بيني وبين أن أدخلَ الجنة إلا أن يقْتلني هؤلاء! ثم قذف التَّمرَاتِ من يده، وأخذ سيفُه، فقاتل القوم حتى قُتِل وهو يقول:
رَكْضًا إلى اللهِ بغير زادِ ... إلَّا التُّقَى وَعملِ المَعادِ
وَالصَّبْر في اللهِ على الجهادِ ... وكلُّ زَادٍ عُرْضَةُ النَّفَادِ
(١) إسناده ضعيف، وهو حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه في مواضع منها في (المغازي / ح ٣٩٥٣) ولفظه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد، فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك. فخرج وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} وقال الحافظ في الفتح (٩/ ١٩٨): هذا من مراسيل الصحابة فإن ابن عباس لم يحضر ذلك ولعله أخذه عن عمر أو عن أبي بكر، ثم ذكر الحافظ حديث مسلم الآنف الذكر.