إلّا المهديّ، كانوا يمرُّون في سكّة عبد الرحمن بن سَمُرة، وهي تساوي سِكَّة قريش، فرأيت المهديّ يسير، وعبد الله بن مالك على شُرَطه يسير أمامه، في يده الحربة، وابنته البانوقة تسير بينه وبين يديه وبين صاحب الشرطة في هيئة الفتيان، عليها قَباء أسود ومنطقة وشاشيّة، متقلدة السيف، وإني لأرى ثدييها قد رفعا القَباء لنهودهما.
قال: وكانت البانوقة سمراء حَسَنة القدّ حلوة. فلما ماتت - وذلك ببغداد - أظهر عليها المهديّ جزعًا لم يُسمع بمثله، فجلس للنّاس يعزّونه، وأمر ألَّا يحجب عنه أحَدٌ، فأكثر النّاس في التعازي، واجتهدوا في البلاغة، وفي الناس مَنْ ينتقد هذا عليهم من أهل العلم والأدب، فأجمعوا على أنهم لم يسمعوا تعزية أوجز ولا أبلغ من تعزية شبيب بن شيبة، فإنّه قال: يا أميرَ المؤمنين، اللهُ خيرٌ لها منك، وثوابُ الله خيرٌ لك منها، وأنا أسأل الله ألّا يحزُنَكَ ولا يفتنك (١).
وذكر صباح بن عبد الرحمن، قال: حدّثني أبي، قال: تُوفِّيت البانوقة بنت المهديّ، فدخل عليه شبيب بن شيبة، فقال: أعطاك الله يا أميرَ المؤمنين على ما رُزئت أجرًا، وأعقبك صبرًا، لا أجهد الله بلاءك بنقمة، ولا نزع متك نعمةً، ثوابُ الله خيرٌ لك منها، ورحمة الله خير لها منك، وأحقّ ما صُبِر عليه ما لا سبيلَ إلى رَدِّه.
(١) هذا خبر منكر ودليل على أن علي النوفلي هذا ليس ثقة وإلّا كيف يصف مفاتن امرأة لا تحل له وينظر إليها ومن شروط الراوي أن يكون عدلًا متصفًا بالأخلاق الحسنة خاليًا من مخارم المروءة، وهل يكون ثقة عدلًا من يصف القد والنهد - وما إلى ذلك؟