للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فَفَعَلُوا، ثم قال: يا رسول الله، إني كنت جَاهِدًا في إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله؛ وإنّي أحبّ أن تأذن لي فأقدَم مكَّة فأدعُوهم إلى الله وإلى الإسلام؛ لعلّ الله أن يهديَهم! وإلا آذيتُهم في دينهم كما كنتُ أوذِي أصحابك في دينهم.

قال: فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلحق بمكَّة، وكان صفوان حين خرج عمير بن وهب يقول لقريش: أبشروا بوقْعَةٍ تأتيكم الآن في أيام تنْسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عنه الركبان، حتى قَدِم راكب فأخبره بإسلامه، فحلف ألّا يكلّمه أبدًا ولا ينفعه بنفعٍ أبدًا. فلما قدم عُمير مكَّة أقام بها يدعو إلى الإسلام، ويؤذي مَنْ خالفه أذىً شديدًا فأسلم على يديه أناس كثير (١). (٢: ٤٧٢/ ٤٧٣ / ٤٧٤).

١١١ - فلما انقضى أمرُ بدر، أنزل الله عزّ وجل فيه من القرآن الأنفَال بأسْرِها. حدَّثنا أحمدُ بن منصور، قال: حدَّثنا عاصم بن عليّ، قال: حدَّثنا عِكْرمة بن عمار، قال: حدَّثنا أبو زُمَيل، قال: حدّثني عبد الله بن عباس؛ حدّثني عُمر بن الخطاب، قال: لمَّا كان يوم بدر التقوْا، فهزم الله المشركين، فقتِل منهم سبعون رجلًا، وأسِرَ سبعون رجلًا، فلمَّا كان يومئذ شاوَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعليًّا وعمر، فقال أبو بكر: يا نَبِيَّ الله، هؤلاء بنو العمّ والعشيرة والإخوان؛ فإني أرَى أن تأخذ منهم الفِدْيَة؛ فيكون ما أخذنا منهم قوّة، وعسى الله أن يهديَهم،


(١) إسناده مرسل ضعيف وأخرجه ابن هشام في السيرة (١/ ٦٦١) من طريق ابن إسحاق عن عروة (وهو مرسل صحيح) وله طريق مرسلٌ آخر عن ابن شهاب أخرجه موسى بن عقبة في مغازيه كما قال الحافظ في الإصابة (٣/ ٣٦).
وذكر الحافظ طريقًا آخر لهذا الحديث موصولًا عند ابن مندة (من طريق أبي الأزهر عن عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن أنس أو غيره). والطبراني وقال: لا أعلمه إلّا عن أنس بن مالك (الإصابة ٣/ ٣٧).
قلنا: وفي إسناد ابن مندة ضعف لأن أبا الأزهر تُكُلِّمَ في حفظه (وهو صدوق) فقد وضعنا أمثال هذه الروايات في الصحيح لتعدد مخارج المرسل الصحيح ووجود طريق آخر موصول ضعيف وخاصة فيما يتعلق بقصص إسلام الصحابة.
ولقد تحدثنا عن الشروط في ذلك بما فيه الكفاية عند حديثنا عن إسلام عدد من الأنصار على يد الصحابي الجليل مصعب بن عمير في المدينة المنورة قبل مجيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهجرته المباركة إلى المدينة والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>