بسم الله الرحمن الرحيم. إذا ورد عليك كتابي هذا عند وقوع ما قد سبَق في علم الله ونفذ من قضائه في خُلفائه وأوليائه، وجرتْ به سنته في الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، فقل:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، فاحمَدوا الله ما صار إليه أمير المؤمنين من عظيم ثوابه ومرافقة أنبيائِه، صلواتُ الله عليهم، وإنا إليه راجعون. وإياه نسأل أن يحسن الخلافة على أمة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان لهم عصمةً وكهفًا، وبهم رؤوفًا رحيمًا، فشمّر في أمرك، وإياك أن تلقى بيديْك، فإنّ أخاك قد اختارك لما استنهضك له، وهو متفقّد مواقع فقدانكْ، فحقق ظنه ونسأل الله التوفيق. وخذ البيعة على من قِبَلَك من ولد أمير المؤمنين وأهل بيته ومواليه وخاصّته وعامّته لمحمد أمير المؤمنين، ثم لعبد الله بن أمير المؤْمنين، ثم للقاسم بن أمير المؤمنين، على الشريطة التي جعلها أمير المؤمنين صلوات الله عليه من فسخها على القاسم أو إثباتها، فإن السعادة واليُمْن في الأخذ بعهده، والمضيّ على مناهجه. وأعْلِم مَنْ قِبَلك من الخاصّة والعامة رأي في استصلاحهم، وردّ مظالمهم وتفقد حالاتهم، وأداء أرزاقهم وأعطياتهم عليهم، فإن شغَب شاغب، أو نَعَر ناعر، فاسطُ به سطوة تجعله نكالًا لما بين يديها وما خلفها وموَعظة للمتقين. واضمُم إلى الميمون ابن الميمون الفضْل بن الربيع ولَد أمير المؤمنين وخدمه وأهله، ومُرْه بالمسير معهم فيمن معه من جنده ورابطته، وصيِّر إلى عبد الله بن مالك أمر العسكر وأحداثه، فإنه ثقة على ما يلي، مقبول عند العامة، واضمُم إليه جميعَ جند الشُّرَط من الرّوابط وغيرهم إلى مَنْ معه من جنده، ومُرْه بالجِدِّ والتيقظ وتقديم الحزم في أمره كله، ليله ونهاره، فإنّ أهل العداوة والنّفاق لهذا السلطان يغتنمون مثل حلول هذه المصيبة. وأقِرّ حاتم بن هرثمة على ما هو عليه، ومُره بحراسة ما يحفظ به قصورَ أمير المؤمنين، فإنه ممّن لا يُعرف إلا بالطاعة، ولا يدين إلا بها بمعاقد من الله مما قدّم له من حال أبيه المحمود عند الخلفاء. ومر الخدم بإحضار روابطهم ممّن يسُدّ بهم وبأجنادهم مواضح الخَلَل من عسكرك، فإنهم حدّ من حدودك، وصيّر مقدّمتك إلى أسد بن يزيد بن مزيد، وساقتك إلى يحيى بن معاذ، فيمن معه من الجنود، ومُرْهما بمناوبتك في كلّ ليلة،