رزؤنا، فإنه لم يُرزأ أحدٌ كرزئنا، فمن له مثل عوضنا! ثم نعاه إلى الناس، وحضّ الناس على الطاعة.
* * *
وذكر الحسن الحاجب أنّ الفضل بن سهل أخبره، قال: استقبل الرشيدَ وجوه أهل خُراسان، وفيهم الحسين بن مصعب. قال: ولقيني فقال لي: الرشيد ميّت أحد هذين اليومين، وأمرُ محمد بن الرشيد ضعيف، والأمر أمر صاحبك، مُدّ يدك. فمدَّ يده فبايع للمأمون بالخلافة. قال: ثم أتاني بعد أيام ومعه الخليل بن هشام، فقال: هذا ابن أخي، وهو لك ثقة خذ بيعته.
وكان المأمون قد رحل من مَرْو إلى قصر خالد بن حماد على فرسخ من مَرْو يريد سمَرقند، وأمر العبّاس بن المسيّب بإخراج الناس واللحوق بالعسكر، فمرّ به إسحاق الخادم ومعه نعيّ الرشيد، فغمّ العباس قدومه، فوصل إلى المأمون فأخبره، فرجع المأمون إلى مَرْو، ودخل دار الإِمارة، دار أبي مسلم، ونعى الرّشيدَ على المنبر، وشقّ ثوبه ونزل، وأمر للناس بمال، وبايع لمحمد ولنفسه وأعطى الجند رزق اثني عشر شهرًا (١).
قال: ولما قرأ الذين وردت عليهم كتبُ محمد بطوُس من القوّاد والجند وأولاد هارون، تشاوروا في اللحاق بمحمد، فقال الفضل بن الربيع: لا أدَعُ مُلْكًا حاضرًا لآخر لا يدرى ما يكون من أمرِه، وأمرَ الناس بالرّحيل، ففعلوا ذلك محبّةً منهم للحوق بأهلهم ومنازلهم ببغداد، وتركوا العهود التي كانت أخذت عليهم للمأمون، فانتهى الخبر بذلك من أمرهم إلى المأمون بمَرْو، فجمع مَنْ معه من قواد أبيه، فكان معه منهم عبد الله بن مالك، ويَحيى بن معاذ، وشبيب بن حميد بن قحطبة، والعلاء مولى هارون، والعباس بن المسيَب بن زهير وهو على شرطته، وأيوب بن أبي سمير وهو على كتابته، وكان معه من أهل بيته عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح، وذو الرياستين، وهو عنده من أعظم الناس قدرًا وأخصِّهم به، فشاورهم وأخبرهم الخبر، فأشاروا عليه أن