للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: مَنْ هذا؟ قال: فأهوْيتُ نحو الصوت، فأضربهُ ضربة بالسيف، وأنا دَهِش فما أغنيت شيئًا وصاح؛ فخرجت من البيت ومكث غير بعيد. ثم دخلت إليه، فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ قال: لأمّك الويل! إنّ رجلًا في البيت ضربني قبل بالسيف، قال: فأضربه فأثخنه ولم أقتله. قال: ثم وضعتُ ضبيب السَّيف في بطنه، حتى أخرجته من ظهره، فعرفت أني قد قتلته، فجعلت أفتح الأبواب بابا فبابًا، حتى انتهيت إلى درجة؛ فوضعت رجلي، وأنا أرى أني انتهيت إلى الأرض، فوقدت في ليلة مقمرة؛ فانكسرتْ ساقي، قال: فعصَّبتها بعمامتي، ثم إني انطلقتُ حتى جلست عند الباب، فقلت: والله لا أبرح الليلة حتى أعلَم: أقتلته أم لا؟ قال: فلما صاح الدّيك، قام الناعي عليه على السُّور، فقال: أنْعي أبا رافع ربَّاح أهل الحجاز! قال: فانطلقت إلى أصحابي، فقلت: النَّجاء! قد قتل الله أبا رافع، فانتهيت إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فحدّثته فقال: ابسُط رجلك، فبسطتها فمسحها فكأنما لم أشتكها قطُّ (١). (٢: ٤٩٣/ ٤٩٤).


(١) إسناده حسن وقصة قتل رافع بن أبي الحقيق أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب المغازي - باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق) وكالآتي:
١ - حدّثني إسحاق بن نَصرٍ حدثَنا يحيى بن آدمَ حدَّثنا ابنُ أبي زائدةَ عن أبيهِ عن أبي إسحاقَ عن البراء بن عازب رضيَ الله عنهما قال: "بَعثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا إلى أبي رافعٍ، فدَخَل عليه عبدُ الله بن عَتيكٍ بَيتَهُ ليلًا وهو نائمٌ فقتلهُ" (ح ٤٠٣٨).
٢ - حدَّثنا يوسفُ بن موسى حدثنا عُبيد الله بن موسى عن إسرائيلَ عن أبي إسحاقَ عن البَراء بن عازب قال: "بَعثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي رافعٍ اليهوديِّ رجالًا منَ الأنصار، فأَمَّرَ عليهم عبدَ الله بن عَتيكٍ، وكان أبو رافعٍ يُؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويُعينُ عليه، وكان في حصن له بأرض الحِجاز، فلما دَنَوْا منه - وقد غَرَبَتِ الشمسُ وراحَ الناس بسَرْحهم - فقال عبدُ الله لأصحابِه: اجلِسوا مَكابمم، فإني مُنطلِقٌ ومُتلطّفٌ للبوابِ لعلَي أن أدخلَ. فأقبلَ حتى دَنا من الباب، ثمَّ تَقَنَّعَ بثوبه كأنه يقضي حاجةً، وقد دَخَلَ الناسُ، فهتفَ بهِ البَوابُ: يا عبدَ الله إن كنت تُريدُ أن تدخلَ فادخلْ، فإني أريدُ أن أغلقَ البابَ. فدخلتُ فكَمَنْتُ، فلما دخلَ الناسُ أغلَقَ البابَ ثم عَلَّقَ الأغاليق على وَدٍّ. قال: فقمتُ إلى الأقاليدِ فأخذتُها ففتحتُ البابَ، وكان أبو رافعٍ يُسْمَرُ عِندَه، وكان في عَلالِيَّ لهُ، فلما ذَهبَ عنه أهلُ سَمَره صعدْتُ إليهِ فجعلتُ كلما فتحت بابا أغلقتُ عليَّ مِنْ داخلٍ. قلتُ: إن القومُ نَذِرُوا بي لم يَخْلُصوا إليَّ حتى أقتُلَه. فانتهيتُ إليه، فإذا هو في بيت مُظلِمٍ وَسْطَ عياله، لا أدري أينَ هوَ منَ البيت. فقلتُ: يا أبا رافع. قال: مَنْ هذا؟ فأهْوَيتُ نحو الصَّوت فأضربُه ضربةً بالسيف وأنا دَهِشٌ فما أَغْنَيتُ شيئًا. وصاحَ، فخرَجتُ منَ البيت فأمْكُثُ غيرَ بعيد، ثمَّ دخلتُ إليه =

<<  <  ج: ص:  >  >>