للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنّ أبا السرايا خرج من القادسيّة هو ومَنْ معه حتى أتوْا ناحية واسط، وكان بواسط عليّ بن أبي سعيد، وكانت البصرة بيد العلويّين بعد، فجاء أبو السرايا حتى عبر دجْلة أسفل من واسط، فأتى عبْدَسِي؛ فوجد فيها مالًا كان حُمِل من الأَهواز، فأخذه ثم مضى حتى أتى السوس، فنزلها ومَن معه، وأقام بها أربعة أيام، وجعل يعطى الفارس ألفًا والراجل خمسمائة، فلما كان اليوم الرابع أتاهم الحسن بن علي الباذغيسيّ المعروف بالمأمونيّ. فأرسل إليهم: اذهبوا حيث شئتم، فإنه لا حاجةَ لي في قتالكم، وإذا خرجتم من عملي فلست أتبعكم. فأبى أبو السرايا إلا القتال، فقاتلهم، فهزمهم الحسن، واستباح عسكرهم، وجُرح أبو السرايا جراحة شديدة، فهرب، واجتمع هو ومحمد بن محمد وأبو الشوْك، وقد تفرّق أصحابهم، فأخذوا ناحية طريق الجزيرة يريدون منزل أبي السرايا برأس العين؛ فلما انتهوا إلى جلولاء عُثِر بهم، فأتاهم حماد الكُنْدُغُوش فأخذهم، فجاء بهم إلى الحسن بن سهل، وكان مقيمًا بالنهْروان حين طردته الحربية، فقدم بأبي السرايا، فضرب عنقه يوم الخميس لعشر خلوْن من ربيع الأول. وذكروا أنّ الذي تولّى ضرب عنقه هارون بن محمد بن أبي خالد، وكان أسيرًا في أيدي أبي السرايا. وذكروا أنه لم يروا أحدًا عند القتل أشدّ جزعًا من أبي السرايا، كان يضطرب بيديهِ ورجليه، ويصيح أشدّ ما يكون من الصياح؛ حتى جُعل في رأسه حبل، وهو في ذلك يضطرب ويلتوي ويصيح؛ حتى ضربت عنقه. ثم بعث برأسه فطِيف به في عسكر الحسن بن سهل، وبعث بجسده إلى بغداد، فصُلِب نصفين على الجسر، في كلّ جانب نصف، وكان بين خروجه بالكوفة وقتله عشرة أشهر (١).


(١) هذا الخبر عن هزيمة أبي السرايا ودخول هرثمة الكوفة ثم تتبع أبي السرايا من قبل قواد المأمون استغرق الصفحتين [٥٣٤ - ٥٣٥]، وقد لخّصه خليفة في تأريخه قائلًا: سنة مائتين: فيها هزم هرثمة أبا السرايا ومعه محمد بن محمد، ودخلا الكوفة يوم الأحد للنصف من محرم، فهرب أبو السرايا ومحمد بن محمد، فأخذهما حماد الأندغوش بناحية السوس، فبعث بهما إلى الحسن بن سهل، فقتل أبا السرايا وصلبه على خشبتين (تأريخ خليفة/٣١١).
وكذلك لخّصه ابن قتيبة الدينوري قائلًا:
ولم يزل "هَرثمة" يحاربهم، وقد أثخنوا في أصحابه حتى ضعفوا وكاتبوه، وهرب =

<<  <  ج: ص:  >  >>