للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطرح عنه كُسوة الظلَمة من ولد العباس، لتطهّر من كُسوتهم. وكتب في سنة تسع وتسعين ومائة.

ثم أمر حسين بن حسن بالكسوة التي كانت على الكعبة فقسمت بين أصحابه من العلويّين وأتباعهم على قدر منازلهم عنده، وعمَد إلى ما في خزانة الكعبة من مالٍ فأخذه، ولم يسمع بأحد عنده وديعة لأحد من ولد العباس وأتباعهم إلّا هجم عليه في داره؛ فإن وجد من ذلك شيئًا أخذه وعاقب الرجل؛ وإن لم يجد عنده شيئًا حبَسه وعذّبه حتى يفتدي نفسه بقدر طَوْله، ويقرّ عند الشهود أن ذلك للمسوّدة من بني العباس وأتباعهم، حتى عمّ هذا خلقًا كثيرًا.

وكان الذي يتولى العذابَ لهم رجلًا من أهل الكوفة يقال له محمد بن مسلمة، كان ينزل في دار خالصة عند الحنّاطين؛ فكان يقال لها دار العذاب، وأخافوا الناس؛ حتى هرب منهم خلْق كثير من أهل النّعم، فتعقبوهم بهدم دورهم حتى صاروا من أمر الحرم، وأخذ أبناء الناس في أمر عظيم، وجعلوا يحكّون الذهب الرقيق الذي في رؤوس أساطين المسجد، فيخرج من الأسطوانة بعد التعب الشديد قدْر مثقال ذهب أو نحوه، حتى عمّ ذلك أكثر أساطين المسجد الحرام، وقلعوا الحديد الذي على شبابيك زمزم، ومن خشب الساج، فبيع بالثّمن الخسيس. فلما رأى حسين بن حسن ومَنْ معه من أهل بيته تغيّر الناس لهم بسيرتهم، وبلغهم أن أبا السرايا قد قُتل، وأنه قد طرد من الكوفة والبصرة وكور العراق من كان بها من الطالبيين، ورجعت الولاية بها لولد العباس، اجتمعوا إلى محمد بن جعفر بن محمد بن عليّ بن حسين بن عليّ بن أبي طالب - وكان شيخًا ودِّاعًا محبّبًا في الناس، مفارقًا لما عليه كثير من أهل بيته من قبح السيرة، وكان يروي العلم عن أبيه جعفر بن محمد، وكان الناس يكتبون عنه وكان يظهر سَمْتًا وزهدًا - فقالوا له: قد تعلم حالك في الناس، فأبْرِزْ شخصك نبايع لك بالخلافة؛ فإنك إن فعلت ذلك لم يختلف عليك رجلان؛ فأبى ذلك عليهم، فلم يزل به ابنه عليّ بن محمد بن جعفر وحسين بن حسن الأفطس حتى غلبا الشيخ على رأيه؛ فأجابهم. فأقاموه يوم صلاة الجمعة بعد الصلاة لستّ من ربيع الآخر، فبايعوه بالخلافة، وحشروا إليه الناسَ من أهل مكة والمجاورين، فبايعوه طوعًا وكرهًا، وسموْه بإمرة المؤمنين، فأقام بذلك أشهرًا، وليس له من الأمر إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>