للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٧ / أ- وفشا في النَّاس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قُتل، فقال بعض أصحاب الصخرة: ليت لنا رسولًا إلى عبد الله بن أبيّ فيأخذ لنا أمَنة من أبي سفيان! يا قوم إن محمدًا قد قتل، فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم. قال أنس بن النّضر: يا قوم إن كان محمَّد قد قتِل؛ فإن ربّ محمد لم يقتل. فقاتِلوا على ما قاتل عليه محمَّد: اللهمّ إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء! ثم شدّ بسيفه فقاتل حتى قتل؛ وانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو النَّاس حتَّى انتهى إلى أصحاب الصخرة؛ فلمّا رأوه وَضَعَ رَجُلٌ سهمًا في قوسه، فأراد أن يرميَه فقال: أنا رسولُ الله؛ ففرحوا بذلك حين وجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيًّا، وفرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأى أنّ في أصحابه مَنْ يمتنع به؛ فلمَّا اجتمعوا وفيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب عنهم الحزن؛ فأقبلوا يذكرون الفتح، وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا، فقال الله عزّ وجلّ للذين قالوا: "إن محمدًا قد قتل، فارجعوا إلى قومكم": {وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ


= وأما مقتل أبي بن خلف الجمحي على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحُد؛ فقد ورد من ثلاثة طرق.
(مرسل السدي (كما عند الطبري) ومرسل سعيد بن المسيب (كما عند ابن سعد) وورد موصولًا عند الواحدي في أسباب النزول ص ٥٦).
وأما ابن سعد فقد أخرج في طبقاته (٢/ ٤٦) من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب أن أبي بن خلف الجمحي أسر يوم بدرٍ فلما افتدى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن عندي فرسًا أعلفها كل يوم فرق ذُرَةٍ لعلي أقتلك عليها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله. فلما كان يوم أحد أقبل أبي بن خلف يركض فرسه تلك حتى دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعترض رجال من المسلمين له ليقتلوه. فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: استأخروا استأخروا، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحربة في يده فرمى لها أبي بن خلف فكسرت الحربة ضلعًا من أضلاعه فرجع إلى أصحابه ثقيلًا فاحتملوه حتى ولّوا به، وطفقوا يقولون له: لا بأس بك فقال لهم أبيّ: يقل لي: بل أنا أقتلك إن شاء الله، فانطلق به أصحابه فمات ببعض الطريق فدفنوه، قال سعيد بن المسيب: وفيه أنزل الله تبارك وتعالى: {وَمَا رَمَيتَ إِذْ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}.
قلنا: وقد سبق أن جعلنا بعض الروايات المرسلة في قسم الصحيح بشرط تعدد مخارج المرسل ووجود طريق آخر موصولا ولو ضعيفًا ضعفا يسيرًا، والأمر كذلك في هذا الموضع والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>